للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: اللهم، لك الحمد على زانية. لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّق على غني، قال: اللهم، لك الحمد على غني. لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارقٍ، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّق على سارق، فقال: اللهم، لك الحمد على زانية، وعلى غني، وعلى سارق، فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد قُبلت؛ أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق يستعف بها عن سرقته» (١).

فهذا الرجل أعطى صدقته لغير مستحقيها، ومع ذلك فقد تقبل الله صدقته لإخلاصه وحسن قصده ورغبته في الخير.

ومن فروع هذه القاعدة:

تمييز العبادات من العادات بالقصد، كالجلوس في المسجد، فإنه يتردد بين الجلوس للاعتكاف والجلوس للاستراحة، وكالوضوء والغسل يتردد بين التبرد والتنظيف والقربة، فلولا النية لما تميزت العبادة عن غيرها ولا حصلت (٢).

وكذلك تمييز مراتب العبادات بالقصد، لأن القصد النية شرط صحة في العبادات المحضة، وشرط لحصول الثواب في جميع الأعمال.

ومنه أن المعاملات بالكنايات، لا بد لها من نية.

ومنه أن جميع المباحات تتميز عن المعاصي والقربات بالنية (٣).


(١) أخرجه البخاري برقم (١٤٢١)، ومسلم برقم (١٠٢٢).
(٢) ينظر: الأشباه والنظائر، السبكي (١/ ٥٧).
(٣) ينظر: الغيث الهامع شرح جمع الجوامع، أبي زرعة العراقي (ص ٦٦٠).

<<  <   >  >>