للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتفرع من هذه القاعدة ثلاث قواعد:

١ - لا ثواب إلا بنية.

٢ - النية شرط لصحة الأعمال.

٣ - العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.

قال ابن القيم في إعلام الموقعين (١): (فالنية روح العمل ولبُّه وقوامه، وهو تابع لها يصح بصحتها ويفسد بفسادها، والنبي قد قال كلمتين كفتا وشفتا وتحتهما كنوز العلم، وهما قوله: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (٢).

فبين في الجملة الأولى أن العمل لا يقع إلا بالنية، ولهذا لا يكون عمل إلا بنية، ثم بين في الجملة الثانية أن العامل ليس له من عمله إلا ما نواه، وهذا يعم العبادات والمعاملات والأيمان والنذور وسائر العقود والأفعال، وهذا دليل على أن من نوى بالبيع عقد الربا حصل له الربا، ولا يعصمه من ذلك صورة البيع.

وأن من نوى بعقد النكاح التحليل كان محلِّلا، ولا يخرجه من ذلك صورة عقد النكاح؛ لأنه قد نوى ذلك، «وإنما لكل امرئ ما نوى»؛ فالمقدمة الأولى معلومة بالوجدان، والثانية معلومة بالنص.

وعلى هذا فإذا نوى بالعصْر حصول الخمر كان له ما نواه، ولذلك استحق اللعنة، وإذا نوى بالفعل التحيلَ على ما حرمه الله ورسولُه كان له ما نواه؛ فإنه قصد المحرم وفعل مقدورَه في تحصيله).


(١) ينظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (٤/ ٥٢٢).
(٢) سبق مرارًا.

<<  <   >  >>