العقول والفطر في ذلك، ولو طُلب منها الاقتراح لم تقترح أحسن من ذلك ولا أوفق منه للمصلحة.
التسوية في العقوبات مع اختلاف الجرائم لا تليق بالحكمة:
ومن المعلوم ببدائِهِ العقول أن التسوية في العقوبات مع تفاوت الجرائم غير مستحسن، بل منافٍ للحكمة والمصلحة؛ فإنه إن ساوى بينها في أدنى العقوبات لم تحصل مصلحةُ الزجر، وإن ساوى بينها في أعظمها كان خلافَ الرحمة والحكمة؛ إذ لا يليق أن يُقتل بالنظرة والقُبْلة ويُقطع بسرقة الحبةِ والدينار، وكذلك التفاوت بين العقوبات مع استواء الجرائم قبيحٌ في الفِطرِ والعقول، وكلاهما تأباه حكمةُ الربِّ تعالى وعَدلُه وأحسانُه إلى خلقه، فأوقع العقوبةَ تارة بإتلاف النفس إذا انتهت الجناية في عظمِها إلى غاية القبح، كالجناية على النفس أو الدِّين أو الجناية التي ضَرَرُها عام؛ فالمفسدة التي في هذه العقوبة خاصة (١)، والمصلحة الحاصلة بها أضعافَ أضعاف تلك المفسدة، كما قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٩]».