للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتتعدى العقوبة إلى غير الجاني، وذلك لا يجوز كما لا يجوز عقوبة الحامل، ومنها عقوبة من أساء على الأمير في الغزو بحرمان سلب القتيل لمن قَتَله، حيث شفع فيه هذا المسيء، وأمر الأمير بإعطائه، فحرم المشفوع له عقوبة للشافع الآمر.

وأما التعزير: ففي كل معصية لا حدَّ فيها ولا كفارة.

فإن المعاصي ثلاثة أنواع: نوعٌ فيه الحدُّ ولا كفارةَ فيه، ونوعٌ فيه الكفارة ولا حدَّ فيه، ونوع لا حدَّ فيه ولا كفارة:

فالأول: كالسرقة والشرب والزنا والقذف.

والثاني: كالوطء في نهار رمضان، والوطء في الإحرام.

والثالث: كوطء الأمة المُشتركة بينه وبين غيره، وقُبْلة الأجنبية، والخلوة بها، ودخول الحمام بغير مئزر، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير، ونحو ذلك.

من حكمة اللَّه اشتراط الحجة لإيقاع العقوبة:

وكان من تمام حكمته ورحمته أن لم يأخذ الجُناة بغير حُجَّة كما لم يعذبهم في الآخرة إلا بعد إقامة الحجة عليهم، وجعل الحجة التي يأخذهم بها إما منهم وهي الإقرار أو ما يقوم مقامه من إقرار الحال، وهو أبلغُ وأصدقُ من إقرار اللسان، فإن من قامت عليه شواهدُ الحال بالجناية كرائحةِ الخمر وقيْئِها، وحَبَل مَنْ لا زوجَ لها ولا سيّد، ووجود المسروق في دار السارق وتحت ثيابه أولى بالعقوبة ممَّن قامت عليه شهادةُ إخباره عن نفسه التي تحتمل الصدق والكذب، وهذا متفق عليه بين الصحابة وإن نازع فيه بعض الفقهاء، وإما أن تكون الحجة مِنْ خارج عنهم وهي البيِّنةُ، واشتُرط فيها العدالة وعدم التهمة؛ فلا أحسن في

<<  <   >  >>