للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الراشد عمر بن الخطاب الذي أُمِرْنا بابتاع سنته (١)، وسنته من سنة رسول اللَّه ؛ فجعلها ثمانين بالسوط، ونَفَى فيها، وحَلَق الرَّأس، وهذا كله من فقه السنة؛ فإن النبي أمر بقتل الشارب في المرة الرابعة (٢)، ولم يَنْسَخ ذلك، ولم يجعله حدًّا لا بد منه؛ فهو عقوبة ترجع إلى اجتهاد الإمام في المصلحة، فزيادة أربعين والنفي والحلق أسهل من القتل.

وأما تغريمُ المال -وهو العقوبة المالية-: فشرعها في مواضع: منها تحريقُ متاعِ الغالِّ من الغنيمة، ومنها حرمان سهمه، ومنها إضعافُ الغرم على سارق الثمار المعلقة، ومنها إضعافه على كاتم الضَّالةِ المُلْتَقطة، ومنها أخذُ شَطْر مال مانع الزكاة، ومنها عزمه على تحريق دور من لا يُصلي في الجماعة (٣)، لولا ما منعه من إنفاذِ ما عَزمَ عليه من كَوْنِ الذرية والنساء فيها (٤)


(١) يشير إلى حديث أنس بن مالك ، أن نبي الله جلد في الخمر بالجريد، والنعال، ثم جلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر ، ودنا الناس من الريف والقرى، قال: «ما ترون في جلد الخمر؟»، فقال عبد الرحمن بن عوف : «أرى أن تجعلها كأخف الحدود»، قال: «فجلد عمر ثمانين»، أخرجه مسلم برقم (١٧٠٦).
(٢) أخرجه أبو داود برقم (٤٤٨٤)، وابن ماجه برقم (٢٥٧٢)، وأحمد في المسند برقم (٧٦٦٢)، عن أبي هريرة ، وأخرجه عن معاوية الترمذي برقم (١٤٤٤)، وأحمد في المسند برقم (١٦٨٤٧)، وورد عن عدد من الصحابة .
(٣) يشير إلى حديث أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : «إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة، فتقام، ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرِّق عليهم بيوتهم بالنار». أخرجه البخاري بنحوه برقم (٦٥٧)، ومسلم واللفظ له برقم (٦٥١).
(٤) يشير إلى حديث أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : «لولا ما في البيوت من النساء والذرية، لأقمت الصلاة، صلاة العشاء، وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار»، أخرجه أحمد في المسند برقم (٨٧٩٦).

<<  <   >  >>