أولًا: بما روي عنه ﷺ، أنه قال لعائشة ﵂ وقد أحرمت قارنةً-: «يَسَعُك طوافُك لحجِّك وعمرتِك»(١)، وما ورد بمعناه، حيث أقام أحد الطوافين مقام الآخر، وكذلك السعي.
ثانيًا: النظر إلى التعليل؛ فإن الناظر فيما قيّد به الفقهاء حكم هذه القاعدة يَلْمَحُ مبناها، فقد قيدوا الأفعال التي تتداخل بأن تكون من جنس واحد، وأن يكون مقصودُها واحدًا.
وهذا يدل على أن سبب إغناء أحد الفعلين عن الآخر هو تحقق المصلحة المرادة بفعل أحدهما، وذلك أقرب إلى مقصود الشريعة وهو التيسير، ولذا فقد علل ابن قدامة دخول طواف العمرة في طواف الحج -بالنسبة للقارن- بأنه ناسك يكفيه حلق واحد ورمي واحد، وبأنهما عبادتان من جنس واحد فإذا اجتمعت دخلت الصغرى في الكبرى، وهذا يشعر بأن سبب التداخل هو حصول المقصود بفعل أحدهما، والله أعلم.
وقد ذهب عامة الفقهاء من المذاهب الأربعة إلى العمل بهذه القاعدة وإن اختلفوا في تطبيقها على بعض الفروع، فقد تقدم تصريح فقهاء المذاهب بها، ونقل ابن المنذر الإجماع على أنه إذا سرق السارق عدة مرات وقدم إلى الحاكم في آخر السرقات فإن قطع يده يجزئ عن ذلك كله.
وقد استثنى بعض الفقهاء من حكم هذه القاعدة صورًا، وسبب ذلك -في الغالب- عدم انطباق شروط وقيود القاعدة على تلك الصور.