للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجمار، والمبيت بمنى لمن لم يدرك الحج، فالمشهور أنه لا يلزمه، لأن ذلك كله من توابع الوقوف بعرفة، فلا يلزم من لم يقف بها.

وحكى ابن أبي موسى رواية أخرى بلزومها، لأنها عبادات في نفسها مستقلة. ومن أمثلة ذلك: المريض إذا عجز في الصلاة عن وضع وجهه على الأرض، وقدر على وضع بقية أعضاء السجود، فإنه لا يلزمه ذلك على الصحيح، لأن السجود على بقية الأعضاء إنما وجب تبعًا للسجود على الوجه وتكميلًا له.

والقسم الثالث: ما هو جزء من العبادة وليس بعبادة في نفسه بانفراده، أو هو غير مأمور به لضرورة.

فالأول: كصوم بعض اليوم لمن قدر عليه وعجز عن إتمامه، فلا يلزمه بغير خلاف.

والثاني: كعتق بعض الرقبة في الكفارة، فلا يلزم القادر عليه إذا عجز عن التكميل، لأن الشارع قصده تكميل العتق مهما أمكن، ولهذا شرع السرايةَ (١) والسعايةَ (٢)، وقال «ليس لله شريك» (٣)، فلا يشرع عتق بعض الرقبة.


(١) السراية: هي شمول حكم الجزء للكل بالقوة، فإذا أعتق نصف العبد سرى العتق إلى جميعه بالقوة حتى وإن لم يرده، فلو أن إنسانًا عنده عبد فقال: عشرك حر، يعتق كله، أو: إصبعك حر، يسري العتق إليه كله، فلا يتبعض العتق، بل لو أن الرجل أعتق نصيبه من عبد وله شركاء سرى إلى نصيب شركائه، مع أنه لا يملكه، لكن يسري بالقوة ويعطي شركاءه قيمة أنصبائهم، ينظر: الشرح الممتع، ابن عثيمين (١١/ ٣٣١).
(٢) السعاية: هي سعي المملوك الذي أعتق بعضه، وإلزامه بالاكتساب ليفك بقية رقبته من الرق. ينظر: إرشاد الساري، القتيبي (٤/ ٣٠٦)، والكواكب الدراري، الكرماني (١١/ ٨٠).
(٣) يشير إلى ما رواه قتادة ، عن أبي المليح، قال أبو الوليد: عن أبيه، أن رجلًا أعتق شِقْصًا له من غلام، فذكر ذلك للنبي ، فقال: «ليس لله شريك»، أخرجه أبو داود برقم (٣٩٣٣)، وأحمد في المسند برقم (٢٠٧٠٩)، والشقص: النصيب أو الجزء من الشيء.

<<  <   >  >>