القسم الرابع: ما هو جزء من العبادة وهو عبادة مشروعة في نفسه، فيجب فعله عند تعذر فعل الجميع بغير خلاف، وعليه مسائل كثيرة:
منها: العاجز عن القراءة يلزمه القيام، لأنه وإن كان مقصوده الأعظم القراءة، لكنه أيضًا مقصود في نفسه، وهو عبادة منفردة.
ومنها: من عجز عن بعض الفاتحة لزمه الإتيان بالباقي.
ومنها: من عجز عن بعض غسل الجنابة لزمه الإتيان بما قدر منه، لأن تخفيف الجنابة مشروع ولو بغسل أعضاء الوضوء، كما يشرع للجنب إذا أراد النوم أو الوطء أو الأكل، ويستبيح به اللبثَ في المسجد عندنا، ووقع التردد في مسائل أخر.
ومنها: المحدِثُ إذا وجد ما يكفي بعض أعضائه، ففي وجوب استعماله وجهان، ومأخذ من لا يراه واجبًا؛ إما أن الحدث الأصغر لا يتبعض رفعُه فلا يحصل به مقصود، أو أنه يتبعض لكنه يبطل بالإخلال بالموالاة فلا يبقى له فائدة، أو أن غسل بعض أعضاء المحدث غير مشروع بخلاف غسل بعض أعضاء الجنب كما تقدم.
ومنها: إذا قدر على بعض صاع في صدقة الفطر، فهل يلزمه إخراجه؟ على روايتين، ومأخذ عدم الوجوب أنه كفارة بالمال فلا يتبعَّض، كما لو قدر على التكفير بإطعام بعض المساكين، والصحيح الوجوب، والفرق بينه وبين الكفارة من وجهين:
أحدهما: أن الكفارة بالمال تسقط إلى بدل هو الصوم بخلاف الفطرة.
والثاني: أن الكفارة لا بد من تكميلها، والمقصود من التكفير بالمال تحصيل إحدى المصالح الثلاث على وجهها؛ وهي العتق والإطعام والكسوة، وبالتلفيق يفوت ذلك، فلا تبرأ الذمة من الوجوب إلا بالإتيان بإحدى الخصال بكمالها أو بالصيام، وفي الفطرة لا تبرأ الذمة منها بدون إخراج الموجود).