للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أنفق أنْفَقَ عليه (١)، ومن أوعى (٢) أُوعي عليه (٣)، ومن عفا عن حقه عفا اللَّه له عن حقه، ومن تجاوز تجاوز اللَّه عنه (٤)، ومن استقصى استقصى اللَّه عليه.

أصل الشرع الحاق النظير بالنظير والقرآن يعلل الأحكام:

فهذا شرع اللَّه وقدرُه، ووحيه وثوابه وعقابه، كلُّه قائمٌ بهذا الأصل، وهو إلحاق النظير بالنظير، واعتبار المثل بالمثل، ولهذا يَذْكر الشارع العلل والأوصاف المؤثرة والمعاني المعتبرة في الأحكام القدرية والشرعية والجزائية، ليدلَّ بذلك على تعلق الحكم بها أين وجدت، واقتضائها لأحكامها، وعدم تخلُّفها عنها إلا لمانع يعارض اقتضاءها ويُوجبُ تخلف آثارها عنها، كقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الأنفال: ١٣].

وقوله: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا﴾ [غافر: ١٢]، ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾ [الجاثية: ٣٥]، ﴿ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ [غافر: ٧٥]، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ٢٨]، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ﴾ [محمد: ٢٦]، ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ [فصلت: ٢٣]).


(١) لحديث أبي هريرة : أن رسول الله قال: «قال الله ﷿: يا ابن آدم، أنفق أنفق عليك»، أخرجه البخاري برقم (٤٦٨٤)، ومسلم برقم (٩٩٣).
(٢) أوعى: أمسك عن الإنفاق.
(٣) لحديث أسماء بنت أبي بكر ، أنها جاءت إلى النبي فقال: «لا توعي فيوعي الله عليك، ارضخي ما استطعت». أخرجه البخاري برقم (١٤٣٤)، ومسلم برقم (١٠٢٩).
(٤) لحديث أبي هريرة ، عن النبي ، قال: «كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه». أخرجه البخاري برقم (٢٠٧٨)، ومسلم برقم (١٥٦٢).

<<  <   >  >>