منصوصة للإمام أحمد، وقد سئل بأي شيء يحرم الماء إذا ظهرت فيه النجاسة؟ فأجاب بهذا، وقال: حرم الله تعالى الميتة والدم ولحم الخنزير فإذا خالطت هذه الماء فمتناوله كأنه قد تناول هذه الأشياء، هذا معنى كلامه.
هذا إذا ظهر أثر المخالط، فلو استهلك ولم يظهر أثره، فهنا معترك النزال وتلاطم أمواج الأقوال، وهي مسألة الماء والمائع إذا خالطته النجاسة فاستهلكت ولم يظهر لها فيه أثر البتة، والمذاهب فيها لا تزيد على اثني عشر مذهبا، نذكرها في غير هذا الموضع إن شاء الله، أصحُّها مذهب الطهارة مطلقًا، مائعًا كان ما خالطته أو جامدًا، ماء أو غيره، قليلًا أو كثيرًا، لبراهين كثيرة قطعية أو تكاد، تذكر هناك إن شاء الله، وعلى هذا فإذا وقعت قطرة من لبن في ماء فاستهلكت وشربه الرضيع لم تنتشر الحرمة، ولو كانت قطرة خمر فاستهلكت في الماء البتة لم يُحَد بشربه، ولو كانت قطرة بول لم يغير ويشربه، وهذا لأن الحقيقة لما استهلكت امتنع ثبوت الاسم الخاص بها، فنفى الاسم، والحقيقة للغالب، فيتعين ثبوت أحكامه، لأن الأحكام تتبع الحقائق والاسماء، وهذا أحد البراهين في المسألة).