للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: في أواني الخزف المعمولة بالسرجين؟ (١) أيجوز الوضوء منها؟ فقال: إذ ضاق الأمر اتسع حكاه في البحر.

الثالث: حكى بعض شراح المختصر أن الشافعي ، سئل عن الذباب يجلس على غائط، ثم يقع على الثوب فقال: إن كان في طيرانه ما يجف فيه رجلاه، وإلا فالشيء إذا ضاق اتسع).

ومن معاني هذه القاعدة قولهم: (لا واجب مع العجز، ولا محرم مع الضرورة) (٢).

فالشارع لم يوجب علينا ما لا نقدر عليه بالكلية، وما أوجبه من الواجبات فعجز عنه العبد سقط عنه، إذا قدر على بعضه وجب عليه ما يقدر عليه، وسقط عنه ما يعجز عنه، وأمثلتها كثيرة جدًّا.

وكذلك ما احتاج الخلق إليه لم يحرمه عليهم، والخبائث التي حرمها إذا اضطر إليها العبد فلا أثم عليه، فالضرورات تبيح المحظورات الراتبة، والمحظورات العارضة.

والضرورة تقدر بقدرها، تخفيفًا للشر.

فالضرورة تبيح المحرمات من المآكل والمشارب والملابس وغيرها (٣).

قال علاء الدين المرداوي (٤): (ودليل هذه القاعدة: قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]، إشارة إلى ما خفف عن هذه


(١) السرجين: هو الزبل أو البعر والروث، وهو ما يعرف بالسماد الذي تسمد به الأشجار والزروع.
(٢) وسيأتي الكلام على هذه القاعدة.
(٣) ينظر: رسالة لطيفة في أصول الفقه المهمة للسعدي (ص ٢ - ١٠).
(٤) ينظر: التحبير شرح التحرير (٨/ ٣٨٤٧).

<<  <   >  >>