للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما إدخال الضرر على أحد بحقٍّ، إما لكونه تعدى حدود الله، فيعاقب بقدر جريمته، أو كونه ظلم غيره، فيطلب المظلوم مقابلته بالعدل، فهذا غير مراد قطعا، وإنما المراد: إلحاق الضرر بغير حق).

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (١): (فإن حكمة الشارع اقتضت رفع الضرر عن المكلفين ما أمكن، فإن لم يمكن رفعه إلا بضرر أعظم منه بقَّاه على حاله، وإن أمكن رفعه بالتزام ضرر دونه رفعه به).

وقولهم: (الضرر يزال): أي: تجب إزالته، لأن الإخبار في كلام الفقهاء للوجوب (٢)، فيجب رفع الضرر بعد وقوعه، وهذه إحدى القواعد بشأن الضرر، من حظر وقوعه، ووجوب إزالته بعد الوقوع (٣).

ومن فروع هَذِه الْقَاعِدَة: شرع الزواجر من الْحُدُود، وَالضَّمان، وردُّ المغصوب مَعَ قيام عينه، وضمانُه بالتلف، وارتكابُ أخف الضررين، والتطليق بالإضرار والإعسار، وَمنع الْجَار من إِحْدَاث مَا يضر بجاره وَنَحْو ذَلِك (٤).

فهذه القاعدة أيضًا كثيرة التوغل في أبواب الفقه كالحدود، فهي لدفع الضرر عن الضروريات الخمسِ المعتبرة بالإجماع (٥).

قال علاء الدين المرداوي في التحبير شرح التحرير (٦): (وهذه


(١) ينظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (٣/ ٣٧٢).
(٢) ينظر: شرح القواعد الفقهية، أحمد الزرقا (ص ١٧٩).
(٣) ينظر: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب، الزحيلي (١/ ٢١٠).
(٤) ينظر: منهج التشريع الإسلامي وحكمته، الشنقيطي (ص ٢٨).
(٥) ينظر: الغيث الهامع شرح جمع الجوامع، أبي زرعة العراقي (ص ٦٥٩).
(٦) ينظر: التحبير شرح التحرير (٨/ ٣٨٤٦).

<<  <   >  >>