للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو كان محتاجًا إلى نقد، فلم يجد من يقرضه، فاشتري سلعة بثمن إلى أجل في ذمته، ومقصوده بيع تلك السلعة، ليأخذ ثمنها، فهذا فيه قولان للسلف، ورخص أحمد في رواية، وقال في رواية: أخشى أن يكون مضطرًّا؛ فإن باع السلعة من بائعها له، فأكثر السلف على تحريم ذلك، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم.

ومن أنواع الضرر في البيوع: التفريق بين الوالدة وولدها في البيع، فإن كان صغيرًا، حرم بالاتفاق، وقد روي عن النبي أنه قال: «من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة» (١)، فإن رضيت الأم بذلك، ففي جوازه اختلاف، ومسائل الضرر في الأحكام كثيرة جدًّا، وإنما ذكرنا هذا على وجه المثال.

والنوع الثاني: أن يكون له غرض آخر صحيح، مثل أن يتصرف في مُلكه بما فيه مصلحة له، فيتعدى ذلك إلى ضرر غيره، أو يمنع غيره من الانتفاع بملكه توفيرًا له، فيتضرر الممنوع بذلك.

فأما الأول: وهو التصرف في ملكه بما يتعدى ضرره إلى غيره، فإن كان على غير الوجه المعتاد، مثل أن يؤجج في أرضه نارًا في يوم عاصف، فيحترق ما يليه، فإنه متعدٍّ بذلك، وعليه الضمان، وإن كان على الوجه المعتاد، ففيه للعلماء قولان مشهوران:


(١) أخرجه الترمذي برقم (١٥٦٦)، وأحمد في المسند برقم (٢٣٤٦٦)، والحاكم في المستدرك برقم (٢٣٣٤)، وقال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه، وقال الترمذي: حسن غريب والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي وغيرهم، كرهوا التفريق بين السبي بين الوالدة وولدها، وبين الولد والوالد، وبين الإخوة)، وحسنه الألباني.

<<  <   >  >>