فهي قرة العيون، وحياة القلوب، ولذة الأرواح؛ فهي بها الحياة والغذاء والدواء والنور والشفاء والعصمة، وكل خير في الوجود فإنما هو مستفاد منها، وحاصل بها، وكل نقص في الوجود فسببه من إضاعتها.
ولولا رسوم قد بقيت لخربت الدنيا وطوي العالم، وهي العصمة للناس وقوام العالم، وبها يُمسك الله السموات والأرض أن تزولا، فإذا أراد الله ﷾ خراب الدنيا وطيَّ العالم رفع إليه ما بقي من رسومها؛ فالشريعة التي بعث الله بها رسوله ﷺ هي عمود العالم، وقطب الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة).
وقال ﵀ أيضًا (١): (وإذا تأملت شرائع دينه التي وضعها بين عباده، وجدتها لا تخرج عن تحصيل المصالح الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان، وان تزاحمت قدم أهمَّها وأجلَّها وأن فاتت أدناهما، وتعطيل المفاسد الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان، وأن تزاحمت عطَّل أعظمَها فسادًا باحتمال أدناهما، وعلى هذا وضع أحكم الحاكمين شرائعَ دينه دالةً عليه، شاهدةً له بكمال علمه وحكمته ولطفه بعباده وإحسانه إليهم.
وهذه الجملة لا يستريب فيها من له ذوق من الشريعة، وارتضاعٌ من ثُدِيِّها، وورودٌ من صفو حوضها، وكلما كان تضلُّعه منها أعظم، كان شهودُه لمحاسنها ومصالحها أكمل، ولا يمكن أحد من الفقهاء أن يتكلم في مآخذ الأحكام وعللها، والأوصاف المؤثرة فيها حقًّا وفرقًا إلا على هذه الطريقة).
والشريعة لا تأمر بمنكر محض، ولا تنهى عن معروف محض، وفي ذلك