للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الشاطبي (١): (ولا يوجد في هذه الشريعة مصلحة محضة منهيًّا عنها، ولا مفسدة محضة مأمورًا بها، وذلك كله من لطف الله ﷿ بعباده وبره ورحمته، ولا فرق في ذلك بين دقه وجلِّه وكبيره وقليله وجليله وخطيره، إلا أن خفيف المصالح مستحبٌّ وخطيرها واجبٌ، وخفيف المفاسد مكروهٌ وكثيرها محرمٌ.

وكلما عظُمت المصلحة تأكد الأمر بها بالوعد والمدح والثناء، إلى أن تنتهي المصلحة إلى أعظم المصالح، وعلى ذلك تبنى فضائل الأعمال.

وكذلك كلما عظُمت المفسدة تأكد النهي عنها بالوعيد والذم والتهديد، إلى أن تنتهي المفسدة إلى أكبر الكبائر).

وقد حدد الإمام عز الدين بن عبد السلام ما يقصد بالمصالح والمفاسد في الدنيا والآخرة، فقال (٢): (اعلم أن من أنعم الله عليه وأحسن إليه وفَّقَه لطاعته ونيل مثوبته، ومن خذله أبعده بمعصيته وعقوبته.

فمصالح الآخرة: الحصول على الثواب، والنجاة من العقاب.

ومفاسدها: الحصول على العقاب وفوات الثواب، ويعبر عن ذلك كله بالمصالح الآجلة.

والمقصود من العبادات كلها: إجلال الإله وتعظيمه ومهابته والتوكل عليه والتفويض إليه، وكفى بمعرفته ومعرفة صفاته شرفًا، والآخرة وهي أفضل من كل ثواب يقع عليها، ما عدا النظر إلى وجهه الكريم.


(١) ينظر: الفوائد في اختصار المقاصد، سلطان العلماء (ص ١٣١).
(٢) ينظر: قواعد الأحكام (٢/ ٧٢).

<<  <   >  >>