للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة الزهد في الدنيا:

بسط الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (١) القولَ في حقيقة الزهد في الدنيا، وذكر أقوال العلماء في ذلك، فأجاد وأفاد ، فكان مما قال:

(فأما الزهد في الدنيا، فقد كثر في القرآن الإشارة إلى مدحه، وإلى ذمِّ الرغبة في الدنيا، قال تعالى: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: ١٦ - ١٧].

وقال تعالى: ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا﴾ [الأنفال: ٦٧].

وقال تعالى في قصة قارون: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾، إلى قوله: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: ٧٩ - ٨٣].

وقال تعالى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ [الرعد: ٢٦].

وقد ذم الله من كان يريد الدنيا بعمله وسعيه ونيته.

والأحاديث في ذم الدنيا وحقارتها عند الله كثيرة جدًّا، ففي صحيح مسلم عن جابر ، عن النبي مر بالسوق والناس كنفَيْه، فمر بجديٍ أسكٍّ (٢) ميتٍ، فتناوله، فأخذ بأذنه، فقال: «أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟»،


(١) ينظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (٢/ ١٧٧)، وما بعدها باختصار.
(٢) (أسك): بتشديد الكاف أي: صغير الأذن أو عديمها أو مقطوعها.

<<  <   >  >>