للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: «أتحبون أنه لكم؟»، قالوا: والله لو كان حيًّا كان عيبًا فيه، لأنه أسك، فكيف وهو ميت؟ فقال: «والله، للدنيا أهون على الله من هذا عليكم» (١).

وفيه أيضًا عن المستورد الفهري، عن النبي قال: «ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بماذا ترجع» (٢).

وخرَّج الترمذي من حديث سهل بن سعد ، عن النبي قال: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرًا منها شربة ماء» (٣).

ومعنى الزهد في الشيء: الإعراض عنه لاستقلاله، واحتقاره، وارتفاع الهمة عنه، يقال: شيء زهيد، أي: قليل حقير.

وقد تكلم السلف ومن بعدهم في تفسير الزهد في الدنيا، وتنوعت عباراتهم عنه، قال يونس بن ميسرة: ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك، وأن تكون حالك في المصيبة وحالك إذا لم تصب بها سواء، وأن يكون مادحك وذامك في الحق سواء (٤).

ففسر الزهد في الدنيا بثلاثة أشياء كلها من أعمال القلوب، لا من أعمال


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٩٥٧) عن جابر بن عبد الله .
(٢) أخرجه مسلم برقم (٢٨٥٨).
(٣) أخرجه الترمذي برقم (٢٣٢٠) وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وصححه الألباني.
(٤) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان برقم (٩٥٩٧). وقد ورد مرفوعًا بأسانيد ضعيفة كما ذكر ابن رجب وغيره.

<<  <   >  >>