للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توافرت الشروط وانتفت الموانع تحقق لهم الأمن، وكلما تخلفت الشروط وتحققت الموانع، فقد الأمن وضاعت الحقوق والمصالح، وحصل القلق والخوف والفوضى، وتسلط الظلمة على الناس، وحصل السلب والنهب، وسفكت الدماء، وانتهكت الأعراض إلى غير ذلك من مظاهر فقد الأمن للمجتمع.

فلا يأمن الإنسان على نفسه وهو في بيته، ولا يأمن على أهله وحرمته، ولا يأمن على ماله، ولا يأمن وهو في الشارع أو في المسجد أو في مكتبه ومحل عمله، لا يأمن في أي مكان إذا زالت نعمة الأمن عن المجتمع.

ولذلك ينبغي شكر هذه النعمة إذا تحققت، والعمل على تثبيتها واستمرارها.

وأما نعمة الاستغناء عن الناس: فهي نعمة عظيمة، فإن سؤال الناس مذلة، وعز المؤمن في استغنائه عن الناس، كما في حديث سهل بن سعد قال: جاء جبريل إلى النبي ، فقال: «يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس» (١).

وقد أرسى النبي قيمة الاستغناء عن الناس، في نفوس أصحابه، فكان يبايعهم على ألا يسأل أحدهم الناس شيئًا؛ فعن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا عند رسول الله تسعة أو ثمانية أو سبعة؛ فقال: «ألا تبايعون رسول الله؟» وكنا حديث عهد ببيعة. فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: «ألا تبايعون رسول الله؟»، فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله.


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط برقم (٤٢٧٨)، والحاكم في المستدرك برقم (٧٩٢١)، والقضاعي في مسند الشهاب برقم (٧٤٦)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (٨٣١).

<<  <   >  >>