للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: «ألا تبايعون رسول الله؟» قال: فبسطنا أيدينا وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال: «على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، والصلوات الخمس، وتطيعوا -وأَسَرَّ كلمةً خفية- ولا تسألوا الناس شيئًا». قال عوف بن مالك: فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدًا يناوله إياه (١).

ولا يستطيع الإنسان الاستغناء عن الناس إلا إذا كان يمتلك قوته وقوت عياله، فالمال لا يذم مطلقًا بل قد يمدح، لأنه يغني المرء عن مذلة السؤال، وينفق في طاعة الله وفي مشاريع الخير، ويتصدق به على الفقراء والمساكين، وتستنقذ به رقاب الناس، وقد قال النبي لعمرو بن العاص : «يَا عَمْرُو، نِعْم الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ» (٢).

قال الحافظ ابن رجب (٣): (والمقصود: أن الله تعالى أنعم على عباده بما لا يحصونه كما قال: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨]، وطلب منهم الشكر، ورضي به منهم.

قال سليمان التيمي: إن الله أنعم على العباد على قدره، وكلفهم الشكر على قدرهم، حتى رضي منهم من الشكر بالاعتراف بقلوبهم بنعمه، وبالحمد بألسنتهم عليها (٤)، كما خرجه أبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن غنام


(١) أخرجه مسلم برقم (١٠٤٣).
(٢) أخرجه أحمد في المسند برقم (١٧٧٦٣)، والبخاري في الأدب المفرد برقم (٢٩٩)، وصححه الألباني.
(٣) ينظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (٢/ ٧١٥).
(٤) أخرجه ابن أبي الدنيا في الشكر برقم (٨)، والبيهقي في شعب الإيمان برقم (٤٥٧٨).

<<  <   >  >>