للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفنى اللذاذةُ ممن نال صفوتَها … من الحرام ويبقى الوزرُ والعارُ

تبقى عواقبُ سوءٍ في مغبَّتها … لا خير في لذةٍ من بعدها النار

وقال الحسين بن مطير:

ونفسَك أكرم عن أمورٍ كثيرةٍ … فما لك نفسٌ بعدَها تستعيرُها

ولا تقرب المرعَى الحرامَ فإنما … حلاوتُه تفنى ويبقى مريرُها

وقال الإمام أحمد بن حنبل : (الفتوة ترك ما تهوى لما تخشى).

وروى الخرائطي عن مالك بن دينار قال: بينا أنا أطوف، إذ أنا بجارية متعبدة، متعلقة بأستار الكعبة، وهي تقول: يا رب كم من شهوةٍ ذهبت لذتُها وبقيت تبعتُها، أيا رب! أما لك أدبٌ إلا النار، فما زال مقامها حتى طلع الفجر، فلما رأيت ذلك، وضعت يدي على رأسي خارجًا أقول: ثكلت مالكًا أمُّه؛ جويرية منذ الليلة قد بطَّلتْه!! (١).

وطائفةٌ بالبيتِ والليلُ مظلمٌ … تقولُ ومنها دمْعُها يتسجَّمُ

أيا ربِّ كم من شهوةٍ قد رزئتُها … ولذة عيشٍ حبلُها يتصرَّمُ

أما كان يكفي للعبادِ عقوبةً … ولا أدبًا إلا الجحيمُ المضرَّمُ

فما زال ذاك القول منها تضرعًا … إلى أن بدا فجرُ الصباح المقدَّمٌ

فشبكت مني الكفَّ أهتف خارجًا … على الرأس أُبدي بعضَ ما كنت أكتُمُ

وقلت لنفسي إذا تطاولَ ما بها … وأعيا عليها ورْدُها المتغنَّمُ


(١) أخرجه الخرائطي في اعتلال القلوب برقم (١٣٣)، وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة (٢/ ٥١٦)، والفاكهي في أخبار مكة برقم (٦٥٢).

<<  <   >  >>