للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو حاتم البستي (١): (فقد أمر النبي ابن عمر في هذا الخبر أن يكون في الدنيا كأنه غريب أو عابر سبيل، فكأنه أمره بالقناعة باليسير من الدنيا، إذ الغريب وعابر السبيل لا يقصدان في الغيبةِ الإكثارَ من الثروة، بل القناعة إليهما أقرب من الإكثار من الدنيا).

قال أكثم بن صيفي لابنه (٢): (يا بني من لم يأسَ على ما فاته ودَّع بدنَه، ومن قنع بما هو فيه قرَّت عينُه).

وأنشد علي بن محمد البسامي:

من تمامِ العيش ما قرَّت به … عينُ ذي النِّعمةِ أثرى أو أقَلّ

وقليلٌ أنت مسرورٌ به … لك خيرٌ من كثيرٍ في دغَل

وأنشد ابن زنجي البغدادي:

أقول للنفس صبرًا عند نائبة … فعسر يومِك موصولٌ بيسْر غدِ

ما سرني أن نفسي غيرُ قانعةٍ … وأن أرزاقَ هذا الخلقِ تحتَ يدي

قال أبو حاتم (٣): (مِنْ أكثر مواهبِ الله لعباده وأعظمِها خطرًا القناعة، وليس شيء أرْوَح للبدن من الرِّضا بالقضاء، والثقة بالقسْم، ولو لم يكن في القناعة خصلةٌ تُحمد إلا الراحة وعدم الدخول في مواضع السوء لطلب الفضل، لكان الواجب على العاقل ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال).


(١) ينظر: روضة العقلاء للدارمي (ص ١٤٨).
(٢) ينظر: مجمع الأمثال للنيسابوري (٢/ ٢٦٥)، وجمهرة الأمثال للعسكري (١/ ٤٩٣).
وروي بلفظ: «من لم يأس على مَا فَاتَهُ أراح نَفسه». ينظر: الأمثال لابن سلام (ص ١٦٣)، والمستقصى في أمثال العرب للزمخشري (٢/ ٣٦٠).
(٣) ينظر: روضة العقلاء للدارمي (ص ١٤٨).

<<  <   >  >>