للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفعها وضرها، قال الله تعالى: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣]، ولا اعتراض عليه في ملكه يفعل في ملكه ما يشاء. قال الإمام السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب: التوفيق من الكتاب والسنة دون محض القياس ومجرد العقول، فمن عدل عن التوفيق منه ضلَّ وتاه في مجال الحيرة، ولم يبلغ شفاء النفس، ولا يصل إلى ما يطمئن به القلب، لأن القدر سرٌّ من أسرار الله تعالى، ضُربت دونه الأستار، واختصَّ سبحانه به، وحجبه عن عقول الخلق ومعارفهم، وقد حجب الله تعالى علم القدر عن العالم، فلا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وقيل: إن سرَّ القدر ينكشف لهم إذا دخلوا الجنة، ولا ينكشف قبل ذلك.

وقد ثبتت الأحاديثُ بالنهي عن ترك العمل اتكالًا على ما سبق من القدر؛ بل تجب الأعمال والتكاليف التي ورد بها الشرع، وكل ميسر لما خلق له، لا يقدر على غيره، فمن كان من أهل السعادة يسَّره الله لعمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة يسَّره الله لعمل أهل الشقاوة كما في الحديث، وقال الله تعالى: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ .. ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل: ٥ - ١٠].

قال العلماء: وكتاب الله تعالى ولوحُه وقلمُه كل ذلك مما يجب الإيمان به، وأما كيفية ذلك وصفته فعلمُه إلى الله تعالى، لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء. والله أعلم).

ثانيًا: مما اتفق عليه العلماء أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر (١).

قال القاضي عياض (٢): (اختلفت ألفاظ هذا الحديث في مواضع، ولم يختلف أن نفخ الروح فيه بعد مائة وعشرين يومًا، وذلك تمام أربعة أشهر


(١) ينظر: فتح الباري لابن حجر (١١/ ٤٨٤).
(٢) ينظر: إكمال المعلم للقاضي عياض (٨/ ١٢٣).

<<  <   >  >>