أغشُّهم للائمة والأمة، وأشدُّهم بعدًا عن جماعة المسلمين، فهؤلاء أشد الناس غلًّا وغشًّا بشهادة الرسول ﷺ والأمة عليهم، وشهادتهم على أنفسهم بذلك، فانهم لايكونون قط إلا أعوانًا وظهرًا على أهل الإسلام، فاي عدو قام للمسلمين كانوا أعوان ذلك العدو وبطانته، وهذا مر قد شاهدتْه الأمة منهم، ومن لم يشاهد فقد سمع منه ما يصم الآذانَ ويشجي القلوب.
وقوله:«فإن دعوتهم تحيط من ورائهم»:
هذا من أحسن الكلام وأوجزه وأفخمه معنًى؛ شبه دعوة المسلمين بالسور والسياج المحيط بهم، المانع من دخول عدوهم عليهم، فتلك الدعوة -التي هي دعوة الإسلام، وهم داخلوها- لما كانت سورًا وسياجًا عليهم أخبر أن من لزم جماعة المسلمين أحاطت به تلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام، كما أحاطت بهم، فالدعوة تجمع شمل الأمة، وتلمُّ شعثَها، وتُحيط بها، فمن دخل في جماعتها أحاطت به وشملته).
من فوائد الحديث:
الأول: استدل الشافعي بهذا الحديث على أن خبر الواحد يفيد العلم لا الظن.
الثاني: في قوله: «ربَّ حامل فقه لا فقه له»، هذا أقوى دليل على ردِّ كلام من شرط لقبول الرواية، كون الراوي فقيهًا عالمًا (١).
الثالث: وفيه أن أساس كل خير حسن الاستماع: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ﴾ [الأنفال: ٢٣].