منه»، وهذا لا يعني: أن الله ﷿ موصوف بالتردد في قدرته أو في علمه، بخلاف الآدمي فهو إذا أراد أن يفعل الشيء يتردد؛ إما لشكه في نتائجه ومصلحته، وإما لشكه في قدرته عليه؛ أي: هل يقدر أو لا يقدر، أما الربُّ ﷿ فلا).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ عن معنى تردد الله في هذا الحديث؟ (١).
فأجاب: (هذا حديث شريف، قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة ﵁، وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء، وقد ردَّ هذا الكلام طائفة، وقالوا: إنَّ الله لا يوصف بالتردد، وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور، والله أعلم بالعواقب، وربما قال بعضهم: إنَّ الله يعامل معاملة المتردد.
والتحقيق: أنَّ كلام رسوله ﷺ حقٌّ، وليس أحد أعلم بالله من رسوله ﷺ، ولا أنصح للأمة منه، ولا أفصح ولا أحسن بيانًا منه، فإذا كان كذلك؛ كان المتحذْلِقُ والمنكر عليه من أضلَّ الناس وأجهلِهم وأسوئِهم أدبًا، بل يجب تأديبه وتعزيره، ويجب أن يصان كلام رسول الله ﷺ عن الظنون الباطلة، والاعتقادات الفاسدة، ولكن المتردِّد منا، وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه لا يعلم عاقبة الأمور؛ لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنْزلة ما يوصف به الواحد منا؛ فإن الله ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ثم هذا باطل؛ فإن الواحد منا يتردَّد تارة لعدم العلم بالعواقب، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد، فيريد الفعل لما فيه من المصلحة، ويكرهه لما فيه من المفسدة، لا لجهل منه بالشيء الواحد الذي يحَبُّ من وجه ويكره من وجه؛ كما قيل: