﷿: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾ [التوبة: ٥١]، على عدم التسبب من العبد بأسباب الخير من الدعاء، وسائر أفعال الخير، وحمل ما ورد فيما يخالف ذلك على وقوع التسبب بأسباب الشرّ المقضية لأمان المكروه، ووقوعه على العبد.
وهكذا يكون الجمع بين الأحاديث الواردة لسبق القضاء، وأنه فرغ من تقدير الأجل، والرزق، والسعادة، والشقاة، وبين الأحاديث الواردة في صلة الرحم بأنها تزيد في العمر، وكذلك سائر أعمال الخير، وكذلك الدعاء.
فتحمل أحاديث الفراغ من القضاء على عدم تسبب العبد بأسباب الخير والشرّ، وتحمل الأحاديث الأخرى على أنه قد وقع من العبد التسبب بأسباب الخير، من الدعاء، والعمل الصالح، وصلة الرحم، أو التسبب بأسباب الشرّ.
فإن قلت: قد تقرر بالأدلّة من الكتاب بأن علمه ﷿ أزليّ، وأنه قد سبق في كلّ شيء، ولا يصحّ أن يقدّر وقوع غير ما قد علمه، وإلا انقلب العلم جهلًا، وذلك لا يجوز إجماعًا.
قلت: علمُه ﷿ سابق أزليّ، وقد علم ما يكون قبل أن يكون، ولا خلاف بين أهل الحقّ من هذه الحيثية، ولكنه غلا قوم، فأبطلوا فائدة ما ثبت في الكتاب والسنة من الإرشاد إلى الدعاء، وأنه يردّ القضاء، وما ورد في الاستعاذة منه ﷺ من سوء القضاء، وما ورد من أنه يصاب العبد بذنبه، وبما كسبت يده، ونحو ذلك، مما جاءت به الأدلة الصحيحة، وجعلوه مخالفًا لسبق العلم، ورتبوا عليه أنه يلزم انقلاب العلم جهلًا، والأمر أوسع من هذا.
والذي جاءنا بسبق العلم، وأزليته هو الذي جاءنا بالأمر بالدعاء، والأمر بالدواء، وعرَّفَنا بأن صلة الرحم، تزيد في العمر، وأن الأعمال الصالحة تزيده