ويستثنى من النهي عن التجسس: ما لو تعين طريقًا إلى إنقاذ نفس من الهلاك مثلًا، كأن يخبر ثقة بأن فلانًا خلا بشخص ليقتله ظلمًا، أو بامرأة ليزني بها فيشرع في هذه الصورة التجسس، والبحث عن ذلك حذرًا من فوات استدراكه، نقله النووي عن الأحكام السلطانية للماوردي واستجاده، وأن كلامه ليس للمحتسب أن يبحث عما لم يظهر من المحرمات، ولو غلب على الظن استسرار أهلها بها إلا هذه الصورة.
النهي عن التحاسد:
وقوله:«ولا تحاسدوا»: الحسد: تمني الشخص زوال النعمة عن مستحق لها، أعم من أن يسعى في ذلك أو لا، فإن سعى كان باغيًا، وإن لم يسع في ذلك ولا أظهره، ولا تسبب في تأكيد أسباب الكراهة التي نهي المسلم عنها في حق المسلم نظر؛ فإن كان المانع له من ذلك العجز بحيث لو تمكن لفعل فهذا مأزور، وإن كان المانع له من ذلك التقوى فقد يعذر، لأنه لا يستطيع دفع الخواطر النفسانية، فيكْفِيه في مجاهدتها ألَّا يعمل بها ولا يعزم على العمل بها.
وعن الحسن البصري قال: ما من آدمي إلا وفيه الحسد، فمن لم يجاوز ذلك إلى البغي والظلم لم يتبعه منه شيء.
النهي عن التدابر:
وقوله:«ولا تدابروا»: قال الخطابي: لا تتهاجروا فيهجر أحدُكم أخاه، مأخوذ من تولية الرجل الآخر دبره إذا أعرض عنه حين يراه.
وقال ابن عبد البر: قيل للإعراض مدابرة، لأن من أبغض أعرض، ومن أعرض ولى دبره، والمحب بالعكس.
وقيل معناه: لا يستأثر أحدكم على الآخر، وقيل للمستأثر مستدبر؛ لأنه