للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من العلماء، وأعظم من ذلك إلحاق التقبيل بوضع الجبهة على اليد، وهو شيء يشبه السجود، بل هو عينه، فيتعين تحريمه بظاهر شبهة السجود فيه، إذ قد نص العلماء على تحريم ما هو دونه، وهو إحناء الرأس لشبهه بذلك، وأضفتم إلى ذلك كونه محرما (١)، حال المصافحة، جالسا على الهيئة المطلوبة في الصلاة، وأعظم من ذلك اشتراطهم الحزام للصلاة، وهو أمر منهي عنه عند العلماء، منصوص عليه بالكراهة (٢).


= كان أصحاب النبي (ص) إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح، الفتح الرباني ١٧/ ٣٤٩، وخرج جابر بن عبد الله في طلب حديث إلى الشام كان عند عبد الله بن أنيس، قال: (... فخرج إلي يطأ ثوبه فاعتنقني واعتنقته)، قال في الفتح الرباني ١٧/ ٣٤٩: وهو حديث جيد الإسناد رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو يعلى. وخرج الترمذي حديث رقم ٢٧٢٨ عن أنس، قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه وصديقه أينحني له؟ قال: "لا"، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: "لا"، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: "نعم"، قال الترمذي: حديث حسن، ويجمع بين هذا الحديث والأحاديث التي قبله، بأن حديث أنس هذا لغير القادم من السفر، والأحاديث قبله التي تدل على مشروعية المعانقة محمولة على القادم من السفر، والله أعلم. وفي المسند من حديث خزيمة بن ثابت (ض) أنه رأى في منامه أنه يقبل النبي (ص)، فأتى النبي (ص) فأخبره بذلك، فناوله النبي (ص) فقبل جبهته، قال الهيثمي: فيه عمارة بن عثمان لم يرو عنه غير أبي جعفر الخطمي، وبقية رجاله رجال الصحيح، قال في الفتح الرباني: ١٧/ ٣٥٢: عمارة بن عثمان وثقه الإمام أحمد، وأبو جعفر الخطمي وثقه ابن معين والنسائي كذا في الخلاصة، وعلى هذا فالحديث صحيح، أقول: عمارة بن عثمان قال عنه الحافظ في التقريب: مقبول، وأبو جعفر الخطمي قال عنه: صدوق، فالحديث صالح للاحتجاج، وأخرج البغوي في معجم الصحابة من حديث عائشة: لما قدم جعفر، استقبله رسول الله (ص) فقبل ما بين عينيه، قال الحافظ في الفتح بعد أن ساقه: سنده موصول، لكن فيه محمد بن عبيد بن عمير، وهو ضعيف، فتح الباري ١٣/ ٢٩٩.
(١) أي: كاشفا رأسه.
(٢) يستحب لمن يريد الصلاة أن يلبس ثيابه على أحسن الهيئات، ولا يشمرها ولا يشدها بحزام، ولا يثني كمه، ولا يكف ثوبه، ولا شعره، ففي الصحيح عن الله عباس (ض): (أمر النبي (ص) أن يسجد على سبعة أعضاء، ولا يكف شعرا ولا ثوبا)، البخاري مع فتح الباري ٢/ ٤٣٩.

<<  <   >  >>