للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترك القصر في السفر، فقد قال (ص): "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تترك عزائمه" (١) وقال (ص): "خيار أمتي الذين إذا أساؤوا استغفروا، وإذا سافروا قصروا وأفطروا" (٢) أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد ورجاله ثقات، ولأن الزيادة بالإتمام عند القائل بالقصر نقص، كالنقص عند القائل بالإتمام، وقد كان في الصحابة المتم والمقصر، ولم يعب واحد منهم على واحد (٣)، فالتحديد بعد ثبوت فضل أحد الطرفين تعد، والله أعلم.

وكالقنوت بعد الركوع مخالف للمشهور، لا للجمهور، فلا علة له إلا قصد المخالفة، لما الناس عليه من الأمر، إما قصد الامتياز أو رؤية أن مخالفتهم كمال، وهو قبيح بالتعريض والتعرض للأذى، والله أعلم.

وكالذكر بعد الصلاة بالجهر والجمع من التصلية والتكبير خلاف المشهور، ولكن يساعده قول ابن عباس: ما كنت أعرف انصراف الناس من الصلاة إلا بالتكبير (٤)، رواه البخاري وهو من باب الفضائل الخارجة


(١) الشق الثاني من الحديث لا يبعد أن يكون المؤلف وهم فيه، فالحديث مروي عن النبي (ص) من طريق ابن عمر وابن عباس وغيرهما بلفظ: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه"، كما في مختصر زوائد مسند البزار حديث رقم ٧٠١، والمعجم الكبير للطبراني حديث رقم ١١٨٨٠، والسنن الكبرى للبيهقي ٣/ ١٤٠، ومجمع الزوائد ٣/ ١٦٥، وورد الشق الثاني من الحديث بلفظ: "كما يكره أن تؤتى معاصيه"، كما في الفردوس للديلمي حديث رقم ٥٧٧، والسنن الكبرى ومجمع الزوائد، والحديث من طريق ابن عمر وابن عباس صحيح، رجاله ثقات.
(٢) عزاه المؤلف إلى أبي داود والنسائي وأحمد، وهو سهو، والحديث خرجه عبد الرزاق في المصنف ٢/ ٥٦٦ من حديث عروة بن رويح مرسلا، وعزاه الحافظ في التلخيص ٢/ ٥١ من حديث جابر مرفوعا إلى الطبراني في الدعاء والأوسط.
(٣) الحديث بهذا المعنى في مسلم رقم ١١١٧.
(٤) في الصحيح عن ابن عباس (ض): إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي (ص)، وقال: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله (ص) إلا بالتكبير، مسلم بشرح النووي ٥/ ٨٣، والبخاري مع فتح الباري ٢/ ٤٦٩.

<<  <   >  >>