للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ماهية الصلاة، فالعمل به غير قادح، لا سيما في الثغور على قول ابن حبيب (١)، والله أعلم.

وكقولهم في التقديم للصلاة بحديث: "صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله" (٢) فيقدمون الجاهل (٣) على العالم إذا كان مقدما عندهم، وانجر بهم الحال إلى تقديم من لا يحكم الصلاة على من يحكمها، وهو أمر صعب جدا، يضارع المحرم أو هو عينه، من جهة مخالفة الجمهور، بل الإجماع في الأولوية، وإن كان إجماع القوم على جواز الصلاة خلف كل بر وفاجر، فالأئمة شفعاء، والأحق مقدم أبدا كما هو معلوم من الفقه، وإن استووا في البراءة من الفسق، والله أعلم.

القسم الثاني: إدخال أمور على العادات يظن أنها من الشريعة وليست منها، كقيامهم للمحترمين منهم، وقد أجازه بعض العلماء، بشرط أن يكون المقام له من أهل الدين، بلا انحناء ولا تكتيف (٤) وقد نهى (ص) العرب عن التزي بزي العجم، وما نهى العجم عن زي أنفسهم في قوله: "لا تفعلوا بي


(١) استحب ابن حبيب التكبير دبر صلاة العشاء والصبح في الثغور والرباطات والعساكر، خلافا لمذهب مالك، قال ابن رشد في البيان والتحصيل ٢/ ٥٧٣: ومذهب مالك أظهر، لأن التكبير محدث لم يكن في الزمن الأول، وأنكر ابن حبيب أن يتقدمهم واحد بالتكبير ثم يجيبه الآخرون بنحو من كلامه جما غفيرا.
(٢) عزاه الهيثمي في مجمع الزوائد ٢/ ٧٠ إلى الطبراني في الكبير من حديث ابن عمر (ض) مرفوعا بلفظ: " ... وصلوا وراء من قال: لا إله إلا الله"، وقال فيه محمد بن الفضل بن عطية، وهو كذاب، وكذلك رواه الدارقطني في السنن ٢/ ٥٦ من ثلاثة طرق كلها واهية، وحديث: "صلوا خلف كل بر وفاجرا"، مروي من طرق أمثلها حديث أبي هريرة وهو منقطع، المقاصد الحسنة ص ٢٦٧.
(٣) جاء في مجمع الزوائد ٢/ ٦٩: مر عبد الله بن مسعود على مسجد، فتقدم رجل فقرأ بفاتحة الكتاب، ثم قال: نحج بيت ربنا ونقضي الدين، وهو مثل القطوات يهوين، فقال عبد الله: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق، وانصرف.
(٤) التكتيف: وضع اليدين على الصدر كهيئة الصلاة.

<<  <   >  >>