للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تفعل الأعاجم بملوكها " (١) وفي الصحيح لم يكن أحب إليهم من رسول الله (ص)، ولكنهم كانوا إذا رأوه لم يقوموا له (٢) لما يعلمون من كراهيته لذلك وشدته عليه، وأعظم من ذلك قوله (ص): "من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار" (٣) وهذا تبشير بسوء الخاتمة والعياذ


(١) المراد بزي العجم هنا، محاكاتهم في الهيئة التي يفعلونها من قيام بعضهم لبعض، وليس خصوص اللباس، ولفظ حديث أبي أمامة (ض) في المسند: قال: خرج علينا رسول الله (ص) وهو يتوكأ على عصا، فقمنا إليه، فقال: "لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضا" وخرجه الطبراني في الكبير رقم ٨٠٧٢ وأبو داود ٥٢٣٠ وابن ماجه ٣٨٣٦، ومن بعض أسانيده أو العدبس مجهول وفي أسانيده الأخرى اضطراب، لذا قال الطبري: حديث ضعيف مضطرب السند فيه من لا يعرف، كما في فتح الباري ١٣/ ٢٨٨، وانظر الفتح الرباني ١٧/ ٣٥٤.
(٢) عن أنس (ض): لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله (ص)، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا، لما يعلمون من كراهيته لذلك، الترمذي حديث رقم ٢٧٥٤، وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأحمد في السند، المسند مع الفتح الرباني ١٧/ ٣٥٣.
(٣) خرجه الترمذي حديث رقم ٢٧٥٥، وأبو داود رقم ٥٢٢٩، من حديث معاوية يرفعه إلى النبي (ص) بلفظ: "من أحب أن يتمثل له الرجال قياما ... "، وقال الترمذي: حديث حسن، وهو مخرج في صحح أبي داود برقم ٤٣٥٧، وفي رواية بلفظ: "من أحب أن يستجم له الناس صفوفا ... "، أي: يجتمعون له، كما في النهاية في غريب الحديث ١/ ٣٠١.
حكم القيام للقادم: قال في الفتح الرباني ١٧/ ٣٥٣: إنما كره (ص) قيامهم له تواضعا لربه، مخالفا لعادات المتكبرين حتى لا يتخذها المتكبرون من الأفراد سنة، وهذا لا ينافي القيام للوالدين وأهل الصلاح والتقوى من الأمراء وغيرهم، فقد روى أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه عن عائشة (ض): قالت: ما رأيت أحدا أشبه سمتا وهديا ودلا برسول الله (ص) من فاطمة (ض)، كانت إذا دخلت قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه، وأخذت بيده، وقبلته وأجلسته في مجلسها، وفي الصحيح أن النبي (ص) أرسل إلى سعد بن معاذ عندما نزل أهل قريظة على حكمه، فجاء، فقال النبي (ص): "قوموا إلى سيدكم ... "، البخاري مع فتح الباري ١٣/ ٢٨٨، قال الخطابي: فيه من العلم أن قول الرجل لصاحبه: يا سيدي غير محظور إذا كان صاحبه خيرا فاضلا، وإنما جاءت الكراهة في تسويد الرجل الفاجر، وفيه أن قيام المرؤوس للرئيس الفاضل وللولي العادل، وقيام المتعلم للعالم مستحب غير مكروه، وإنما جاءت الكراهة فيمن كان بخلاف هذه الصفات، ومعنى ما روي من قوله: من أحب =

<<  <   >  >>