قال في البيان: القيام للرجل على أربعة أوجه: وجه يكون القيام فيه محظورا، ووجه يكون فيه مكروها، ووجه يكون فيه جائزا، ووجه يكون فيه حسنا. الأول: الذي يكون فيه محظورا لا يحل، فهو أن يقوم إكبارا وتعظيما لمن يجب أن يقام إليه تكبرا وتجبرا على القائمين إليه. الثاني: الذي يكون القيام فيه مكروها، فهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن لا يحب أن يقام إليه ولا يتكبر على القائمين إليه، فهذا يكره للتشبه بفعل الجبابرة، ولما يخشى أن يدخله من تغير نفس المقوم إليه. الثالث: الذي يكون القيام فيه جائزا، فهو أن يقوم تجلة وإكبارا لمن لا يريد ذلك ولا يشبه حاله حال الجبابرة، ويؤمن أن تتغير نفس المقوم إليه لذلك، وهذه صفة معدومة إلا فيمن كان بالنبوة معصوما، لأنه إذا تغيرت نفس عمر بالدابة التي ركب عليها، فمن سواه بذلك أحرى. الرابع: الذي يكون فيه القيام حسنا، فهو أن يقوم الرجل إلى القادم عليه من سفر فرحا بقدومه ليسلم عليه، أو إلى القادم عليه مسرورا بنعمة أولاها الله إياه ليهنئه بها، أو إلى القادم عليه المصاب بمصيبة ليعزيه بمصابه وما أشبه ذلك، فعلى هذا يتخرج ما ورد في هذا الباب من الآثار ولا يتعارض شيء منها. (١) مسلم من حديث أبي هريرة (ض) عن النبي (ص) وتمامه: "ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا إخوانا كما أمركم الله".