للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالله، فكيف يتعرض له من كان في طريق الله، بمجرد احتمال قد يصح وقد لا، ويظهر من هذا أن الفاعل أعذر من القائل.

وقد سئل عز الدين بن عبد السلام رحمه الله عن هذا القيام، فأجاب بحديث: "لا تقاطعوا ولا تدابروا" (١)، وقال: تركه يؤدي إلى التدابر


= أن يستحم له الرجال صفوفا، هو أن يأمرهم بذلك على وجه الكبر والنخوة، الفتح الرباني ١٧/ ٣٥٢، وفتح الباري ١٣/ ٢٨٩، قال في العتبية ٤/ ٣٥٩: سئل مالك عن الرجل تكون له المرأة الحريصة المبالغة في تأدية حقه، فإذا رأته داخلا تلقته فأخذت عنه ثيابه ونزعت نعليه، فلا أرى بذلك بأسا، وأما قيامها فلا أرى ذلك، ولا أرى أن يفعله، هذا من التجبر والسلطان، فقلت له: والله ما ذلك من شأنه ولا تشبهه هذه الحال، ولكنها تريد إكرامه وتوقيره وتأدية حقه، وإنه لينهاها عن ذلك ويمنعها منه، فقال لي: كيف استقامتها في غير ذلك؟ فقلت له: من أقوم الناس طريقة في كل أمرها، فقال: تؤدي حقه في غير هذا، فأما هذا فلا أرى أن تفعله، فإن هذا من فعل الجبابرة، بعض هؤلاء الولاة يكون الناس ينتظرونه جلوسا فإذا طلع عليهم قاموا له حتى يجلس، فلا خير في هذا ولا أحبه، وليس هذا من أمر الإسلام، فأرى أن تدع هذا وتؤدي حقه في غير ذلك.
قال في البيان: القيام للرجل على أربعة أوجه: وجه يكون القيام فيه محظورا، ووجه يكون فيه مكروها، ووجه يكون فيه جائزا، ووجه يكون فيه حسنا.
الأول: الذي يكون فيه محظورا لا يحل، فهو أن يقوم إكبارا وتعظيما لمن يجب أن يقام إليه تكبرا وتجبرا على القائمين إليه.
الثاني: الذي يكون القيام فيه مكروها، فهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن لا يحب أن يقام إليه ولا يتكبر على القائمين إليه، فهذا يكره للتشبه بفعل الجبابرة، ولما يخشى أن يدخله من تغير نفس المقوم إليه.
الثالث: الذي يكون القيام فيه جائزا، فهو أن يقوم تجلة وإكبارا لمن لا يريد ذلك ولا يشبه حاله حال الجبابرة، ويؤمن أن تتغير نفس المقوم إليه لذلك، وهذه صفة معدومة إلا فيمن كان بالنبوة معصوما، لأنه إذا تغيرت نفس عمر بالدابة التي ركب عليها، فمن سواه بذلك أحرى.
الرابع: الذي يكون فيه القيام حسنا، فهو أن يقوم الرجل إلى القادم عليه من سفر فرحا بقدومه ليسلم عليه، أو إلى القادم عليه مسرورا بنعمة أولاها الله إياه ليهنئه بها، أو إلى القادم عليه المصاب بمصيبة ليعزيه بمصابه وما أشبه ذلك، فعلى هذا يتخرج ما ورد في هذا الباب من الآثار ولا يتعارض شيء منها.
(١) مسلم من حديث أبي هريرة (ض) عن النبي (ص) وتمامه: "ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا إخوانا كما أمركم الله".

<<  <   >  >>