للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: إن خطابه تنمية للحال، وإليه إشارة الشيخ أبي محمد عبد السلام بن مشيش (ض)، حيث يقول: لا تصحب من يؤثر نفسه عليك، فإنه لئيم، ولا من يؤثرك على نفسه، فإنه قل ما يدوم، واصحب من إذا ذكر ذكر الله، فالله يغني به إذا شهد، وينوب عنه إذا فقد، ذكره نور القلوب، ومشاهدته مفاتيح الغيوب انتهى، وهو عجيب.

الثالث: إن مخالطته مثيرة للأنوار في بساط الكمال، فيرحم الله ابن عباد فيقول: في رجزه للحكم:

إن التواخي فضله لا ينكر ... وإن خلا من شرطه لا يشكر

والشرط فيه إن تواخى العارفا ... عن الحظوظ واللحوظ صارفا

مقاله وحاله سيان ... ما دعوا إلا إلى الرحمن

أنواره دائمة السراية ... تقيك وفد حفت بك الرعاية

وقاصد الفاقد هذا الشرطا ... بصحبة يعقدها قد أخطا

لكونه يرى بها محاسنه ... فنفسه ذات اغترار آمنة

انتهى وهو جامع لمقاصد الشروط، وبالله سبحانه التوفيق.

...


= ويخفيه، ولذا قال ابن شوذب: لم يكن لمحمد بن واسع عبادة ظاهرة، قال الأصمعي: لما صاف قتيبة بن مسلم الترك وهاله أمرهم، سأل عن محمد بن واسع، فقيل: هو ذاك في الميمنة، جامح على قوسه، يبصبص بأصبعه نحو السماء، قال: تلك الأصبع أحب إلي من مائة ألف سيف شهير، وشاب طرير، وقال ابن واسع، وهو على فراش الموت: (يا إخوتاه، تدرون أين يذهب بي؟ والله إلى النار، أو يعفو الله عني)، توفي رحمه الله تعالى سنة ١٢٣ هجرية، ذكر ذلك كله الذهبي في سير أعلام النبلاء ٦/ ١١٨ وصفة الصفوة ٣/ ٢٦٦.

<<  <   >  >>