للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسلم لهم فالقوم أهل عناية ... وخاملهم في الوصف لا يتحقر (١)

وإن كنت يا هذا بهم متمسكا ... فتبقى بطول الدهر لا تتغير

(قلت: وذلك انبساط حرمة الله عليهم، وحرمة الجناب إذا انبسطت لم تتوقف على من واجهته، بل تتعدى لكل من له منه نسبة والله أعلم (٢)، وبالجملة، فالاعتقاد خير كله، والانتقاد شر كله (٣)، والاغترار أصل كل غواية، والحذر أصل كل هداية، رقد جاء في الحديث ما يؤيد هذه الجملة مفرقا، غير أن مذهب الفقهاء تقديم سوء الظن للحذر، حتى يتحقق الرافع، ومذهب الصوفية تقديم حسن الظن، عملا بسلامة الصدر، حتى يتحقق الرافع، والحذر عند كل منهما واجب، لقوله (ص): "الحزم سوء الظن" (٤)، و"المؤمن كيس فطن حذر" (٥)، الحديث، وإذا كان الله حذر المؤمنين من بعض أزواجهم وأولادهم فكيف بغيرهم، فالحذر شأن ذوي العزم، لكن مع


(١) ورد البيتان في كتاب النصيحة للمؤلف على النحو الآتي:
فسلم لهم فالقوم أهل عناية ... وجاملهم فالوصف لا يتحقر
فإن كنت في أذيالهم متمسكا ... فإنك طول الدهر لا تتغير
النصيحة ص ١٤٨.
(٢) لا يوجد في ت ١.
(٣) لكن ينبغي الإنكار على من صدر منه ما يخالف الشريعة كما يأتي للمؤلف في قوله: (فمن ثم صح إنكار الفقيه على الصوفي، ولم ينكر الصوفي عليه)، وقال في ص ١٣٠: (وطائفة اعتقدت الإباحة للولي)، انظر النص.
(٤) "الحزم سوء الظن، هو أن تستشير ذا الرأي تطيع أمره في الهوى"، بهذا اللفظ خرجه الديلمي عن عبد الرحمان بن عائذ مرفوعا كما في الفردوس، وجاء في النسخة المحققة من الفردوس (عامر بدل عائذ) وهو تصحيف، حديث رقم ٢٧٩٧، وقال في المقاصد ص ٢٣: خرجه أبو الشيخ وهو مرسل، وقال: طرقه كلها ضعيفة يتقوى بعضها ببعض، وعزاه أيضا إلى الديلمي في مسنده عن علي بن أبي طالب من قوله، وهو ضعيف أيضا، وانظر تحفة التحصيل للعراقي ص ١٩٩ والمراسل لابن أبي حاتم ص ١٢٤.
(٥) خرجه بهذا اللفظ الديلمي والقضاعي من حديث أبان ابن أبي عياش عن أنس مرفوعا كما في المقاصد الحسنة، وأبان ابن أبي عياش متروك كما في التقريب ص ٨٧.

<<  <   >  >>