للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، والآن قد ارتفعت العلة باتساع بلاد الإسلام وتقرره فلا يضر، ومظاهر مذهب الصوفية اعتماد ذلك والعمل به وإثبات بركته، فقد علم ما لهم في لباس الخرقة، ومناولة العصا والسبحة، وتلقين الذكر ونحو ذلك، مما هو معلوم من طريقتهم، مشهور البركة بينهم، حتى قال الأستاذ أبو القاسم القشيري (ض) فيما حكاه عنه ولده: أن أثر المعتقد أقوى في البركة من غيره، وذكر ابن ليون (١): إن من طريقة الفقراء قسمة شعر المحترمين بينهم، واستدل بقسمة شعره (ص) في حجة الوداع (٢) وذكر الشيخ كمال الدين الدميري (٣)، في حياة الحيوان له: إن الشافعي (ض) كان يقول: قبر موسى الكاظم (٤) الترياق المجرب، وقال الإمام الغزالي: إن كل من يجوز التبرك به في حياته يجوز التبرك بقبره بعد موته، واستدل على مطلق الجواز بزيارته (ص) لذلك (٥) وإن كان أحد لا يساوي شعرة من شعراته فللوراثة نسبة، وجعله ابن العربي في القبس من خواصه (ص)، واستطرد الغزالي الكلام فيه إلى تجويز شد الرحال لذلك، وقال: لا يعارضه حديث الثلاثة مساجد، لتساوي المساجد سواها في الفضل بخلاف الصلحاء، فانظر كلامه فيه، وقد نقله ابن الحاج بنصه وحروفه (٦) وكان شيخنا أبو عبد الله القوري


(١) سعد بن أحمد بن إبراهيم بن ليون التجيبي أبو عثمان، عالم متفنن من أجل علماء الأندلس (ت ٧٥٠ هـ) نيل الابتهاج ص ١٢٣.
(٢) في الصحيح أن رسول الله (ص) ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر، فقال: ((احلق))، فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال: ((اقسه بين الناس))، مسلم ٢/ ٩٤٨، وانظر البخاري مع فتح الباري ١/ ٢٨٤.
(٣) كمال الدين أبو البقاء محمد بن موسى الدميري، كان ذا عبادة له كتاب الحيوان (ت ٨٠٨) شذرات الذهب ٧/ ٨٠.
(٤) موسى الكاظم بن جعفر، ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو أحد الأئمة الإثني عشر، كان يكنى بالعبد الصالح لعبادته (ت ١٦٣) طبقات الشعراني ص ٣٣.
(٥) أي: زيارة قبره (ص).
(٦) اختلف في شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة، كالذهاب إلى زيارة الصالحين =

<<  <   >  >>