للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعبد أو تجعل مثل ذات أنواط - شجرة كانت الجاهلية يربطون فيها الخيوط وغيرها يستشفون بذلك -، فقال الصحابة: يا رسول الله، اتخذ لنا ذات أنواط (١) فقال (ص): ((ما هي إلا كما قال بنو (٢) إسرائيل: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}، وقد يستدل بهذين الخبرين على المنع وليس كذلك، بل هما دليل في منع كل ما يستدام، أو يكون له أصل في عبادة الجاهلية من خشبة أو حديد أو حجر أو بناء ونحوه، لا ما يمتهن أو يكون مستهلكا، فاعرف ذلك (٣).

واعلم أن الناس لم يزالوا يتبركون بآثار أهل الخير كابرا عن كابر من العلماء والصلحاء وغيرهم، من قديم الزمان إلى هلم جرا، من غير نكير ولا داعية للسكوت، وهو مما تتوفر الدواعي على العمل به طبعا، فلو كان حراما لنص عليه الشارع وحذر منه الأئمة قديما، ولو كان التنزه أولى لمحل الاشتباه، وبالله التوفيق.

...


= ذلك، فقال: رأيت النبى (ص) أدار راحلته، وكان يضبط هذه الأماكن ويعتني بها، خرج أحاديثه في الأماكن التي صلى فيها النبي (ص) في السفر البخاري، انظر البخاري مع فتح الباري ٢/ ١١٤.
وخرج البخاري حديث عتبان بن مالك في سؤاله النبي (ص) أن يصلي في بيته ليتخذه مصلى، وإجابة النبي (ص) إلى ذلك، قال الحافظ: (هو حجة في التبرك بآثار الصالحين)، وتبرك الصحابة بآثار النبي (ص) أكثر من أن تحصى، وفعل عمر (ض) من باب سد الذرائع، لأنه خشي أن يشتبه ذلك على من لا يعرف حقيقة الأمر فيظنه واجبا، أو يفتن به، فإذا أمنت الفتنة فالأصل الاستحباب، والله أعلم، انظر الحوادث والبدع ص ٢٩٤ و ٣٠٨، وشرح الكرماني على البخاري ٤/ ١٥٠، وفتح الباري ٢/ ١١٤.
(١) خرجه الترمذي من حديث أبي واقد الليثي ٤/ ٤٧٥، وقال: حسن صحيح.
(٢) في خ: عليق.
(٣) هذا من المؤلف رحمه الله تعالى عين القصد، وهو الموافق للسنة، انظر فيما يأتي فصل ٩١.

<<  <   >  >>