للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مختصره وقولهم: (شيء لله) إن كان في محل الإخبار، كقولهم: كان من


= المعروف عند العلماء أن الذبح عند القبر من عادات الجاهلية التي أبطلها الإسلام، فلا يجوز للمسلم أن يصحب حيوانا ويسوقه ليذبحه في مكان من الأمكنة يعظم الناس فيه شيئا، كحجر أو قبر أو شجرة تقربا إلى الله تعالى في ذلك المكان، لا بنذر ولا بغيره، إلا في مكة المكرمة في حج أو عمرة، فإن ذلك سنة، وما عدا ذلك من سوق الحيوان إلى أي مكان آخر يعظم؛ كقبر، أو ضريح ولي فلا يجوز، فقد نذر رجل على عهد رسول الله (ص) أن ينحر إبلا في بوانة (اسم مكان)، فقال له النبي (ص): ((هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟)) قالوا: لا، قال: ((هل كان فيها عيد من أعيادهم؟)) قالوا: لا، قال رسول الله (ص): ((أوف بنذرك))، وقال (ص): ((لا عقر في الإسلام))، أبو داود ٣/ ٢١٦، قال في المجموع شرح المهذب ٥/ ٢٨٦؛ وأما الذبح والعقر عند القبر فمذموم، وكره الإمام أحمد أكل لحم ما يذبح عند القبر وانظر الإنصاف ٢/ ٥٩٦، والكراهة عند الأئمة المتقدمين مثل الإمام مالك، والإمام أحمد كثيرا ما تستعمل في التحريم، وقال الباجي في شرح الموطأ: (من نذر سوق جزور إلى موضع من المواضع، فإن نذر سوقه باطل، وينحره حيث شاء من المواضع التي لا يتكلف سوقها إليها لقربها ... لأن إراقة الدماء لا تكون إلا بمكة أو منى في الحج أو في العمرة)، ومن نذر الذبح بمكان ليس فيه قبر أو شيء يعظم كالثغور أو البلد الفلاني، فإنه يلزمه الوفاء به وذبحه، وتفريقه على فقراء ذلك المكان، لقول النبي (ص) للرجل: ((أوف بنذرك))، عندما علم أن المكان ليس فيه شيء يعظمه الكفار، انظر المغني لابن قدامة ٩/ ١٩.
وإن كان النذر في كلام المؤلف لا يعني الذبج، وإنما الصدقة بالمال على صاحب القبر، فالنذر بالمال ونحوه عند من يقول به هو قربة لا تكون إلا لله، لا تكون لقبر ولا لغيره، والظاهر من قول ابن عرفة: (لا نص فيه لمن يكون)، أن المقصود به أن يقول الرجل لله:
علي أن أتصدق على ضريح فلان، وهو أقرب الوجوه لتصحيح كلامه، ولما كانت القبور ليست محلا لصرف الصدقة، قال ابن عرفة: (لا نص فيه لمن يكون)، كتبت هذا قبل أن يتيسر لي الوقوف على عبارة ابن عرفة، وبعد أن تفضل علي الخال العزيز الشيخ عز الدين الغرياني جزاه الله خيرا بنقل نص ابن عرفة من المخطوطة التونسية وجدته كما فهمت فلله الحمد والمنة، وفيما يلي نص كلام ابن عرفة:
ونذر شيء لميت صالح معظم في نفس الناذر لا أعرف نصا فيه، وأرى إن قصد مجرد كون الثواب للميت تصدق به بموضع الناذر، فإن قصد الفقراء الملازمين لقبره أو زاويته تعين لهم إن أمكن وصوله لهم، مختصر ابن عرفة مخطوط رقم ٦٥٣١ المكتبة الوطنية بتونس لوحة ٢٦١. ومنه يعلم أن كلام ابن عرفة ليس في الذبح على المقابر، وإنما هو في الصدقة على صاحب القبر بطريق النذر، هل توزع في مكان المتصدق، أو تنقل إلى فقراء مكان القبر.

<<  <   >  >>