للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شأنه كذا، وبلغ من حاله كذا، أو ذكرت عنه حكاية، فقال ذاكرها:

(شيء لله)، فهو خير عن تحقق حالة ذلك الشخص في إفراد القلب، والقالب لمولاه، وإن كان في محل التوجه، فهو طلب وسؤال (١)، والله أعلم.

ومن الناس من يجعل أعماله هدية للأولياء، ويجعل وردا لجميعهم، أو للجهة التي يعتقدها، وذلك أمر مختلف فيه، ومنهم من يجعل ذلك لرسول الله (ص)، وهو من باب حسن النية والتقرب لجنابه الكريم، وليس الحق في ذلك إلا باتباع سنته، وإكرام قرابته، وكثرة الصلاة عليه (ص)، لأنه غني عن أعمالنا، وإني لأرى (٢) ذلك إساءة أدب معه، لمقابلته بما لا يصلح أن يكون صاحبه مقبولا، فكيف بالاعتداد بثوابه، لا سيما ما جرت به عادة المصريين في ذلك، فإنه يعظم علي كثيرا جدا.

ومن ذلك: تصنيف بعض الناس في الصلاة عليه (ص)، بكيفيات يعتمدها، ويأتي فيها بألفاظ مستغربة، وأنواع مستنخبة، تألفها نفوس العامة، (وهو أمر حسن من حيث صورته، واضح من حيث حقيقته، تألفه نفوس العوام) (٣) وتتحرك به نفوس الغافلين للصلاة عليه (ص) في الجملة، والأولى بأهل التوجه الاقتصار على الألفاظ الواردة عنه (ص)، فإن الخير كله في الاتباع، والفتح الكامل في التقيد بألفاظه (ص)، فلا تعدل بها شيئا ولو قلت، فقليلها كثير، ومعناها كبير.

ومنه التزام بعضهم قراءة المرشدة (٤)، أو عقيدة ما من العقائد، وكذا


(١) المقصود من عبارة (شيء لله) عند ذكر الشخص، أنه صاحب بركة ومقامات، والاحتمال الثاني الذي ذكره المؤلف، أن المقصود بها الطلب والسؤال بحصول المقام للشخص المذكور صحيح لا شيء فيه، أما الاحتمال الأول، وهو أن المقصود بها إخبار عن تحقق حالة ذلك الشخص في إفراد القلب، ففيه محذور التزكية على الله، وهي منهي عنها، خصوصا أن العوام يسرفون في الاعتقاد في مثل هذه الألفاظ.
(٢) في ت ١: لا أرى.
(٣) لا يوجد في ت ١.
(٤) المرشدة كتاب في العقيدة لمحمد بن عبد الله بن تومرت الملقب بالمهدي ت ٥٢٤. هجرية، كان زاهدا، شديدا في العبادة، مغاليا في الدعوة إلى نفسه، يصف نفسه بالإمام =

<<  <   >  >>