للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الاطراد يُبعد احتمالَ أن تكون "لا" هي لام الابتداء أشبعت فتحتها فتولدت عنها ألف، كما أشبعت فتحة الراء في شاهدهم:

* أعوذ بالهه من العقراب *

كما يُبعد احتمالَ أن تكون "لا" زائدة، والمعنى: "أقسم" كما اختار أبو حيان.

وقد قالوا هم أنفسهم إن زيادة الحرف تفيد اطراحه. كما صرحوا بأن مجئ الحرف في أول الكلام يفيد كونه موضعَ عنايةٍ أعطتْه الصدارة.

فهل هي مزيدة للقسم تقوية وتأكيداً له؟

قالوا إن إدخال لا النافية على فعل القسم جاء في كلام العرب وأشعارهم، ومن شواهدهم قول "امرئ القيس":

فلا وأبيكِ ابنةَ العامرىَّ. . . لا يدَّعى القومُ أني أفِرْ

وقول "غوية بن سلمى":

ألا نادتْ أمامةُ باحتمالِ. . . لتحزننى، فى بِكِ ما أُبالى

وقول آخر:

* فلا وأبي أعدائها لا أخونها *

وجعول منه آية الحديد:

{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} - ٢٩

والآية كما لاجظ "ابن هشام" في سياق لانفي الصريح.

وكذلك كل الشواهد الشعرية التي ذكروها، سياقُها النفي الصريح.

وليس الأمر كذلك في آيات "لا أقسم" وكلها في سياق الإثبات والتقرير.

ونفهم أن تأتي "لا" في سياق النفي فتؤكده.

واما أن تأتي لتؤكد الإثبات، فذلك ما يبدو غريباً حقاً على المنطق اللغوي والحس البياني. إذ القسم للتوثيق، وهو أقوى من التأكيد، ولا يسوغ، في الأصول أو المنطق، أن تؤكد التوثيق بنفيه. والنفي نقيضُه التأكيد، فإذا نفيت

<<  <   >  >>