القرآن ومنظوم الشعر وسجع الكهان وهمهمة السحر، وإنما تعلق أمل المشركين من قريش، في أن يصرفوا سمع العرب الوافدين إلى مكة في الموسم، عن هذا القرآن.
وتكلفوا بأهل مكة، بأن رابطوا في البيت الحرام يحولون بين المسلمين وبين تلاوة القرآن في الحرم، اتقاء نفاذه إلى قلوب المكيين وضمائرهم، مع الإلحاح في اضطهاد من يسلم منهم.
ولكن الدعوة مضت تكسب كل يوم مؤمناً بها. . .
وكلمات الله تصدع جبروت الوثنية وتزلزل صروحها، فتجذب من حزبِها جنوداً لله، أصحاباً لرسوله عليه الصلاة والسلام.
ومع الاضطهاد والتعذيب، كان المسلمون يزدادون ثباتاً على عقيدتهم واستبسالاً في احتمال الأذى. . .
وفي مهب الخطر، بدا للمشركين أن يكذبوا الرسول ويتهموه بافتراء القرآن.
لا عن ظن بأنه افتراه حقاً، ولا لأن فيهم من تصور "أن الكل قادرون على الإتيان بمثله".
ولكن ليلقوا ظلال الريب على رسالته، فيصد عنها من يحرصون على بقاء الأوضاع الموروثة والأعراف الراسخة، ومن يشق عليهم أن يعقوا آباءهم وينسلخوا من دينهم، ومن يشفقون من تصدع كيان القبيلة التي حازت شرف السيادة الدينية وجاه السيطرة الاقتصادية والأدبية على جزيرة العرب.
يقول القاضي عبد الجبار:
"على أن ما ظهر من أحوالهم يدل على أن القوم لم يكونوا شاكَين في أمر القرآن، لآن استجابة بعضهم تدل على نفي الشك، وكذلك إعظامُ من لم يستجب لحال القرآن، وعدوله إلى ما عدل إليه، وكذلك عدولهم إلى الحرب