للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسكة يقول بهذه المضلة؟ بل المراد ظهور الشيء من الله لمن يشاء من خلقه بعد إخفائه عنهم وقولنا: "بدا لله" أي بدا حكم الله أو شأن الله) (١) .

وهذا التفسير مقبول، ولكن إذا كان الأمر كذلك فلم تلك المغالاة في البداء؟، ولم صار من أصول العقائد، وأصبح مما تشذ به الشيعة عن جمهور المسلمين؟، وما الهدف من جعله بتلك المثابة وهو في الأصل من معتقدات اليهود، ومن دعاوى ابن سبأ، والمختار بن أبي عبيد، وهو في معناه اللغوي الظاهر مما لا يجوز نسبته إلى الله سبحانه؟ فلم لا ترفض عقيدة البداء أصلاً بدلاً من أن يبحث لها عن مسوغ ومخرج؟

إن الجواب عن سبب تعلق الشيعة بعقيدة البداء وعنايتهم بها هو نفس السبب الذي جعل المختار يأخذ بهذه العقيدة؛ وهو غلوهم في أئمتهم وزعمهم أنهم يعلمون الغيب، حتى عقد صاحب «الكافي» باباً يقول فيه: إنّ الأئمة يعلمون ما كان وما يكون وأنهم لا يخفى عليهم الشيء - كما مر - فكان القول بالبداء هو المخرج إذا حدّث الأئمة بشيء وكذبهم الواقع. كما كان هو المخرج للمختار إذا أخبر بشيء وجاء على خلاف ما قال.

وعلماء كان موقفهم إزاء هذه العقيدة الغريبة البحث لها عن مسوغ يدافعون به عنها لا نقضها ووأدها (٢) .


(١) «الدين والإسلام» : ص ١٧٣.
(٢) في دفاعهم عن عقيدة البداء انظر: ابن بابويه القمي: «التوحيد» : ص ٣٣٥، المفيد: «أوائل المقالات» : ص ٩٧، هاشم الحسيني: «الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة» : ص ٢٣٣، الخنيزي: «الدعوة الإسلامية» : (١/٣٥) ، أمير الكاظمي القزويني: «الشيعة في عقائدهم وأحكامهم» : ص ٣٥٨، الخوئي: «البيان» : ص ٣٨٨، محمد حسين آل كاشف الغطا، «أصل الشيعة» : ص ١٩٠ وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>