للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم - ولزم الجماعة.. «أهل السنّة والجماعة» ، فلم يكونوا بحاجة في بادئ الأمر إلى التميز؛ ذلك أنهم الأصل الذي انشق عنه المخالفون، والأصل ليس بحاجة إلى ما يميزه؛ إنما الذي يحتاج لاسم هو الفرع المنشق الذي سرعان ما يشتهر ببدعته حينما يتنكب السبيل، وقد مر بنا قول الإمام مالك - رحمه الله - حينما سئل عن أهل السنة فأجاب: (أهل السنة الذين ليس لهم لقب يعرفون به، لا جهمي، ولا قدري، ولا رافضي) .

من هنا نوافق الدكتور مصطفى حلمي في قوله: (إن أهل السنّة والجماعة هم الامتداد الطَبِعيّ للمسلمين الأوائل الذين تركهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض، ولا نستطيع أن نحدد لهم بداية نقف عندها كما نفعل مع باقي الفرق، والسؤال عن نشأة أهل السّنة والجماعة ليس له موضع، كما هو الحال إذا تساءلنا عن منشأ الفرق الأخرى) (١) .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومذهب أهل السنّة والجماعة مذهب قديم معروف قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكاً والشافعي وأحمد، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك كان مبتدعاً عند أهل السنّة والجماعة.. وأحمد بن حنبل وإن كان قد اشتهر بإمامة السنّة.. فليس ذلك لأنه انفرد بقول أو ابتدع قولاً؛ بل إن السنّة كانت موجودة معروفة قبله علمها ودعا إليها، وصبر على من امتحنه ليفارقها، وكان الأئمة قبله قد ماتوا قبل المحنة.. وثبت الإمام أحمد بن حنبل على ذلك الأمر (٢) فصار إماماً من أئمة السنّة، وعلماً من أعلامها،


(١) «نظام الخلافة في الفكر الإسلامي» : ص ٢٩٢.
(٢) «منهاج السنة» : (٢/٤٨٢، ٤٨٣) ، بتحقيق: الدكتور رشاد سالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>