للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تنبه لهذه الحقيقة - وهي تطور معتقدهم نحو الغلو - الشيخ: ملا علي القاري (١) وذلك حينما نقل قول الإمام النووي (٢) وهو: إن (المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع) (٣) فقال القاري معقباً على ذلك (قلت: وهذا في غير حق الرافضة الخارجة في زماننا، فإنهم يعتقدون كفر أكثر الصحابة فضلاً عن سائر أهل السنّة والجماعة، فهم كفرة بالإجماع بلا نزاع) (٤) .

ولعل هذه الظواهر هي التي دعت محب الدين الخطيب إلى أن يحكم بأن مدلول الدين عند الشيعة يتطور، ثم استدل على ذلك بقول الممقاني السالف الذكر، ثم قال: (هذا تقرير علمي في أكبر كتاب وأحدثه لهم في الجرح والتعديل يعترفون فيه بأن مذهبهم الآن غير مذهبهم قديماً، فما كان يعدونه قديماً من الغلو وينبذونه وينبذون أهله بسبب ذلك، صار الآن - أي الغلو - من ضروريات المذهب. فمذهبهم اليوم غير مذهبهم قبل الصفويين ومذهبهم قبل الصفويين غير مذهبهم قبل ابن المطهر ومذهبهم قبل ابن المطهر غير مذهبهم قبل آل بويه، ومذهبهم


(١) علي بن محمد سلطان الهروي المعروف بالقاري الحنفي، نزيل مكة، وأحد صدور العلم، ألف التآليف الكثيرة النافعة منها شرحه على المشكاة في مجلدات وهو أكبرها، وشرح الشفا، وشرح النخبة وغيرها توفي بمكة سنة ١٠١٤هـ. انظر: «خلاصة الأثر» : (٣/١٨٥، ١٨٦) .
(٢) شيخ الإسلام محي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مزي الخزامي، النووي صنف التصانيف النافعة في الحديث والفقه وغيرهما كـ «شرح مسلم» ، و «الروضة» ، و «شرح المهذب» وغيرها. توفي سنة ٦٧٦هـ. السيوطي: «تذكرة الحفاظ» : ص ٥١٠.
(٣) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم: (٢/٥٠) .
(٤) «مرقاة المفاتيح» : (٩/١٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>