للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام السلف، إنما قصدنا ببداية التسمي هو متى بدأ إطلاق هذه التسمية على الاتجاه المتبع للسنّة والملتزم للجماعة، وهو مبحث ليس ذا أهمية كبيرة وإنما طرقناه لأنه كثيراً ما يخلط بين الحديث عن بداية التسمية ونشأة المسمى "وهو المذهب أو أهله"، وحتى رأينا من يتحدث عن السنّة كأنها فرقة أو طائفة طارئة في الإسلام (١) ، كسائر الفرق الأُخرى التي انشقت عنها.

فكان من الضروري بيان هذا الأمر وتوضيحه.

وسنرى الآن في عرضنا للآراء في نشأة التسمية شيئاً من قصور في الرؤية وغبش في التصور حيال هذه المسألة.

١- فمن أغرب الآراء في بداية التسمية رأي للدكتور مصطفى الشكعة يزعم فيه أن (تسمية جمهرة المسلمين بأهل السنّة تسمية متأخرة، يرجع تاريخها إلى حوالي القرن السابع الهجري ـ أي بعد الإمام أحمد بأربعة قرون ـ) (٢) .

وهو يطلق هذا القول ولا يقدم ما يؤيده، وهذا كاف في عدم الاعتداد به، ومعلومات الوثائق والنصوص المأثورة تدل على خلاف هذا


(١) يشير الأستاذ أنور الجندي إلى (الدعاوى الباطلة التي يدعيها بعض الجاهلين أو المتجاهلين من أن السنّة فرقة أو طائفة طارئة ويرد على هذا ويبين أن: السنة ليست مذهباً معيناً بين المذاهب وليس طرفاً من الأطراف ويسميها: «مدرسة الأصالة الإسلامية» التي تجمع خير ما في الفرق وتحكم بينها، ويورد في هذا كلاماً لابن القيم في أن: أهل السنّة ليسوا مع هؤلاء وليسوا مع هؤلاء بل هم مع هؤلاء فيما أصابوا فيه وهم مع هؤلاء فيما أصابوا فيه، فكل حق مع طائفة من الطوائف فهم يوافقونهم فيه وهم براء من باطلهم، فمذهبهم حق جميع الطوائف بعضه إلى بعض) . انظر: «المؤامرة على الإسلام» أنور الجندي: ص ٢٦٦.
(٢) «إسلام بلا مذاهب» : ص ٢٨١، وقد راق هذا الرأي الذي لا دليل عليه لبعض أهل البدع فنقلوه في كتبهم "كرأي" مسلّم به..!! انظر: علي يحيى معمر (من الأباضية) ، «الأباضية بين الفرق الإسلامية» : ص ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>