للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي، وأن نظرة لأسماء الكتب التي كتبها علماء السلف من أهل القرن الثالث والرابع التي سموها باسم "السنة" (١) لكافية في الدلالة على أن التسمية بأهل السنّة كانت مستفيضة في ذلك الزمن المتقدم وقبله كما سنرى.

ونجد ما يدل على أن التسمية بأهل السنّة شائعة في العصور الأولى بعد بدء الفتنة واستفحال شأن المبتدعة؛ ومن ذلك قول محمد بن سيرين (٢) : لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنّة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم (٣) .

فهذا يدل على أن الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه كانت بداية التميز بين أهل السنّة وغيرهم.

ويصور لنا معنى هذا التميز ما رواه ابن جرير الطبري عن مصعب بن عبد الله الزبير أن أباه عبد الله بن مصعب أخبره أن الرشيد قال له: ما تقول في الذين طعنوا على عثمان؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين طعن عليه ناس وكان معه ناس، فأما الذين طعنوا عليه فتفرقوا عنه وهم أنواع الشيع وأهل البدع وأنواع الخوارج، وأما الذين كانوا معه فهم أهل الجماعة اليوم، فقال لي - أي الرشيد -: ما أحتاج أن أسأل بعد هذا اليوم عن هذا (٤) .


(١) سيأتي ذكر لهذه الكتب في مبحث "مصادر أهل السنّة".
(٢) محمد بن سيرين البصري الأنصاري بالولاء، (أبو بكر) إمام وقته، كان ثقة مأموناً فقيهاً إماماً كثير العلم ولد سنة ٣٣هـ وتوفي بالبصرة سنة ١١٠هـ. انظر: «تهذيب التهذيب» : (٩/٢١٥، ٢١٧) ، «تاريخ بغداد» : (٥/٣٣١) ، «الوافي بالوفيات» : (٣/١٤٦) .
(٣) رواه مسلم في «صحيحه» : (١/١١) ، وانظر: الخطيب: «الكفاية» : (/١٢٢) .
(٤) «تاريخ الطبري» : (في حوادث سنة ١٩٣ جـ ٨ ص ٣٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>