للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيحة من غيرها، واطمأن المسلمون على سنّة نبيهم حتى إن الخليفة هارون الرشيد رد على الزنادقة حين تحداه بقوله: (فأين أنت عن ألف حديث وضعتها ونسبتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما فيها حرف نطق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟) فكان جواب الرشيد لهذا الزنديق: (فأين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الغزاري، وعبد الله بن المبارك ينخلانها نخلاً فيخرجانها حرفاً حرفاً) (١) .

ولقد كان الأئمة في الحديث يعرفون الأحاديث بطرقها وأسانيدها بحيث لو روي حديث بغير سنده وطريقه لعرفوا أنه قد حرف عن موضعه، كما وقع مثل ذلك للإمام محمد ابن إسماعيل البخاري حين ورد إلى بغداد وقصد المحدثون امتحانه فسألوه عن أحاديث قلبوا أسانيدها فقال: لا أعرف هذه ولكن حدثني فلان، ثم أتى بجميع تلك الأحاديث على الوضع الصحيح وردّ كل متن إلى سنده (٢) .

ولقد اعترف "الشيعة" بتثبيت أئمة السنّة في رواية الحديث، جاء في كتاب «السرائر» - وهو من كتبهم المعتبرة (قال صاحب البحار: «كتاب السرائر لا يخفي الوثوق عليه وعلى مؤلفه على أصحاب السرائر» (٣)) - جاء في هذا الكتاب حديثهم التالي عن بعض أصحابنا


(١) ياقوت الحموي «معجم الأدباء» : (جـ١/ ٢١٢ - ٢١٣) .
(٢) انظر ابن حجر: «هدي الساري» : ص ٤٨٦، ابن خلدون، «المقدمة» : (٣/٩، ١٠) قال الصنعاني في «توضيح الأفكار» عن قصة البخاري مع علماء الحديث في بغداد، (وهي مشهورة أخرجها ابن عدي عن مشائخ البخاري، وأخرجها أبو بكر الخطيب في «التاريخ» في غير موضع وساقها الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح بإسناده) . «توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار» (ص ١٠٣ - ١٠٤) .
(٣) «البحار» : (جـ١/ص ٣٣) ، ووصفوا مؤلف السرائر بـ "الإمامة العلامة حبر العلماء والفقهاء وفخر الملة والحق والدين شيخ الفقهاء رئيس المذهب الفاضل الكامل عين =

<<  <  ج: ص:  >  >>