للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيل: هذه الحكاية حجّة على المنازع، فإن هذا الرجل لما طلب منه، ما قال له: أنا أدعو لكم، بل أمرهم بما شرعه لهم، وسنه لهم، وهو أنهم يدعون الله، ويستسقون به. وفي الحكاية أنه قال /٤٨أ/ له: قل لعمر: عليك بالكيس، أي بالاستقامة، فلما قال لعمر قال: ما آلو جهدي.

فهذا فيه أنه أمرهم بطاعة الله ورسوله وأمرهم بالاستسقاء، وهذا هو شرعه الذي شرعه لهم في حياته، فلم يأمرهم بعد الموت إلا بما أمرهم في حياته، وهذا الرجل الذي قال له: ادع لأمتك، مجهول، ما هو من المهاجرين، والأنصار، الذين يقتدى بهم، ويكفيك أنه لم يأت أحد منهم إلى قبره يطلب منه الدعاء إلا رجل مجهول، لا يُعرف، فأما المهاجرون والأنصار الذين هم أعلم الناس بدينه، وأتبعهم له، فلم يأت أحد إليه، ولم يطلب منه الدعاء، ثم هذا الطالب للدعاء لم يُعط طلبته (١) ، ولا قال: أنا أدعو لكم، بل قال: أطيعوا أمري، وادعوا أنتم الله يجيبكم.

وهذا هو الحق الذي بعثه الله به، فإن سعادة الدنيا والآخرة في طاعته، واتباعه، والاقتداء به، وفعل ما أمر، وترك ما حظر، وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، وتحليل ما حلّل، وتحريم ما حرّم، وتصديقه في كل ما أخبر به عن الله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وغير ذلك من أنباء


(١) غيرت في المطبوع إلى: (طلبه) .

<<  <   >  >>