للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو ذر: لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا (١) منه علمًا.

فلو كان سنّ لهم أن يطلبوا منه الأدعية بعد موته لكان هذا معروفًا عندهم منقولاً عنه، ولكان أصحابه أعلم بذلك من غيرهم، وهم أطوع له، وأتبع لسنته، فكانوا بعد موته يأتون قبره فيطلبون منه أن يدعو لهم بالمغفرة، ويدعو لهم بالهداية، ويدعو لهم بالنصر، ويدعو لهم بالرزق، ويدعو لهم بقضاء الديون، ويدعو لهم بكشف الضُّر، وغير ذلك كما كان بعضهم /٤٩أ/ يطلب منه الدعاء في حياته، مع أن أجِلائهم كأبي بكر وأمثاله قد تعلموا منه أنهم لا يسألون إلا الله، ولا يدعون إلا الله، فكان الصديق يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد: ناولني إياه، ويقول: إِنَّ خَلِيلِي أَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا. رواه أحمد في المسند.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ» . وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك: أَنَّهُ بَايَعَ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَسَرَّ إِلَيْهِمْ كَلِمَةً خَفِيَّةً: «أَنْ لَا (٢) تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا» . قَالَ: فَلَقَدْ


(١) في الأصل: (ذكرنا) ، والتصويب من المحقق.
(٢) غيرت في المطبوع إلى: (ألا) .

<<  <   >  >>