للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

/٤٠أ/ ومنها: أن هذا القول محدث لم يقله أحد من سلف المسلمين وأئمتهم.

ومنها: أن السفر إلى غير الثلاثة إذا كان مباحًا مستوي الطرفين مع أن أصحابه يتخذونه قربة وطاعة، فإما أن يقال: إنهم يثابون، أو لا يثابون، فإن قيل: إنهم يثابون، فالمباح الذي ليس بمستحب لا ثواب فيه، وأيضًا فتلك مخالفة محضة للحديث، وإن قيل: إنهم لا يثابون مع أنهم لم يسافروا لمصلحة دنيوية، فقد سافروا سفرًا لا ينفعهم في دينهم ولا دنياهم، وهم يعتقدون أنهم يثابون، ويؤجرون، ومثل هذا لا يكون إلا منهيًّا عنه، لا يكون مباحًا مستوي الطرفين.

ومنها: أن السفر إلى البقاع المعظمة هو من جنس الحج، ولهذا يسمونها: حجًّا، ويسمون أعمالها: مناسك، ويسمون الكتب المصنفة في ذلك: مناسك حج المشاهد، ويقول بعض الناس: وحق النبي الذي تحج إليه المطايا.

ولكلّ أمة بقاع يعظمونها، يحجون (١) إليها، وكانوا في الجاهلية يحجون إلى بيوت الأصنام، وفي حديث أمية بن أبي الصلت لما اجتمع بالراهب، وأخبره أنه سوف يبعث نبي من العرب، فطمع أن يكون هو إياه، فقال له الراهب: إنه من أهل بيت تحجّه العرب، قال: فقلت له: ونحن معشر ثقيف فينا بيت تحجه العرب، قال: إنه ليس منكم، إنه من إخوانكم /٤٠ب/ من قريش. فقال (٢) : فينا بيت تحجه العرب؛ وهو اللات المذكور في القرآن في قوله: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: ١٩] وكانوا يسمونها: الربة، وقرأ طائفة من السلف: اللاتّ، بالتشديد، وقال طائفة من السلف: إنه كان يلت السويق للحجاج، فلما مات عكفوا على قبره.


(١) غيرت في المطبوع إلى: (ويحجون) ، بزيادة واو العطف.
(٢) عدلها المحقق في المطبوع إلى: (فقوله) .

<<  <   >  >>