وَلا تعلم لها حرفة فلم ينكر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتابتها.
وإذا كاتب المرء مملوكه وضع من كتابته شَيْئًا، لقول اللَّه جل ذكره:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ}[النور: ٣٣] ، وإذا كاتب الرجل عبده كاتبه عَلَى مَا يجوز لَهُ أن يملك مما لَهُ عدد أو وزن أو كيل نجومًا معلومة معروفة من شهور العرب، ويصف مَا يكاتبه عليه كما يوصف ذَلِكَ فِي أبواب السلم يؤدي إليه كل نجم شيئا معلومًا عَلَى أنه حر إذا أدى ذَلِكَ إليه فِي النجوم التي ذكرها، فإذا أدى ذَلِكَ كَانَ حرا.
وللمكاتب أن يبيع ويشتري ويأخذ ويعطي ويتصرف فيما لَهُ فِيهِ الحظ والتوفير وينفق عَلَى نفسه، ويكتسي بالمعروف وليس لَهُ أن يتكفل بكفالة، وَلا يضمن ضمانًا، وليس لَهُ أن يسافر، وَلا ينكح إلا بإذن مولاه.
وللسيد أن يبيع مكاتبه وليس للذي اشتراه أن يبطل كتابته إلا أن يعجز عن أداء نجم من النجوم، وإنما أجزنا بيع المكاتب لأن بريرة بيعت بعلم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكانت مكاتبة، فلم ينكر ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا يعلم فِي شيء من الأخبار أنها كانت عجزت فأبطل كتابتها ثم بيعت، بل بيعت وهي مكاتبة، وإذا عجز المكاتب فلسيده أن يبطل كتابته ويرده فِي الرق بحضرة سلطان كَانَ ذَلِكَ أبو بغير حضرة سلطان، عجز مكاتب لابن عمر فرده مملوكا، وأمسك مَا أخذ منه.
وللسيد أن يعجز مكاتبه عند أول نجم من نجومه يعجز عَنْهُ، والمكاتب عبد مَا بقي عليه درهم، فإذا مات المكاتب وخلف مالا أخذه سيده ولم يرثه ولده، لأنه مات عبدًا، وجناية المكاتب عليه يؤديها مع النجوم، وعليه فِي جنايته الأقل من قيمته يوم جنى الجناية، فإن قدر عَلَى أن يؤدي مَا وجب عليه بالجناية