أقام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة مرة يدعو إِلَى اللَّه وإلى الإيمان به، وينهي عن الشرك ولم يؤمر فِي ذَلِكَ بقتال، بل أمره اللَّه جل ذكره بأن يعرض عنهم، فَقَالَ:{وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام: ١٠٦] ، وقال:{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}[البقرة: ١٠٩] ، فأتى بأمره لما أذن لهم فِي القتال فنزلت:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}[الحج: ٣٩] .
قَالَ ابن عباس: فهي أول آية نزلت فِي القتال، وأوجب عليهم الخروج من مكة، وأمرهم أن يهجروا دار الشرك، واستثنى منهم مستضعفين {لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً}[النساء: ٩٨] ، يقول مخرجًا {وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا}[النساء: ٩٨] ، قيل: طريقا إِلَى المدينة فعذر هؤلاء.
وقال فِي الذين تخلفوا ممن لا عذر لهم:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ}[النساء: ٩٧] ، وقد بينت هذا فِي مختصر كتاب الجهاد بتمامه.